للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نوى التعبد، والامتثال أجر، وإلا فلا. هذا كله على تفاصيل، ليس محله هذا المختصر؛ لأن القصد المثال. وقد استوفى العلماء التتبع لمسائل الباب، والمقصود هنا الضبط الكلي (١).

قال النووي: فتقدير هذا الحديث، إن الأعمال تحسب بنية، ولا تحسب إذا كانت بلا نية، وفيه دليل على أن الطهارة -وهي الوضوء والغسل والتيمم- لا تصح إلا بالنية، وكذلك الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، والاعتكاف، وسائر العبادات، وأما إزالة النجاسة، فالمشهور عندنا أنها لا تفتقر إلى نية؛ لأنها من باب التروك، والترك لا يحتاج إلى نية، وقد نقلوا الإجماع فيها، وشذ بعض أصحابنا فأوجبها، وهو باطل، وتدخل النية في الطلاق، والعتاق، والقذف، ومعنى دخولها أنها إذا قارنت كناية صارت كالصريح، وإن أتى بصريح طلاق، ونوى طلقتين، أو ثلاثا وقع ما نوى، وإن نوى بصريح غير مقتضاه دين فيما بينه وبين الله تعالى، ولا يقبل منه في الظاهر (٢).

وثم خلاف بين الفقهاء في بعض التنزيل، والتمثيل، لا لأن القاعدة انخرمت، بل لأن هناك أصلا معارضا آخر يرجح دخول هذه المسألة المعينة في قاعدة، أو أصل آخر، وهذا أمر طبيعي حاصل حتى بين الأدلة النصوصية؛ لذلك نجد تعارض العام والخاص، والمطلق والمقيد، ويجمع بينهما بطرق معلومة في الأصول.

وهكذا المسائل المستثناة تخصيصا، أو تقييدا نتج عن تعارض أصل مع أصل.


(١) الأشباه والنظائر للسيوطي (ص ٩)، وراجع الأشباه والنظائر للسبكي (١/ ٦٠) وغمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر (١/ ٥٩).
(٢) شرح النووي على مسلم (١٣/ ٥٤).

<<  <   >  >>