والعل الشرعية المنصوصة التي علقت عليها الأحكام لا يجوز إسقاطها واستبدالها بغيرها، بما يظن أنه أولى منها. فعدة الوفاة والطلاق لا تسقط ولو ثبت طبيا خلو الرحم من الولد.
ثم العلل في كل باب محكومة بأصول ذلك الباب، فالعلة في إثبات النسب هو العقد والفراش، فمن عقد وجاءه ولد نسب إليه ولو لم يفترشها؛ لاحتمال وقوع الفراش ولا ينفى عنه إلا بلعان.
أما إن انتفى أحد وصفي العلة وهو الفراش فالعلة باطلة لذلك لو عقد لرضيع على بالغة وحملت لما لحق به؛ لعدم تحقق العلة. وعلة الخمر الإسكار وعلة الصوم رؤية الهلال، فلو شرب أحد خمرًا ولو لم يسكر لقلته فهو حرام لوجود الإسكار وكذا العلة في القصاص العمد العدوان.
وهذه علة مجمع عليها.
فإن قيل: لو شهد أربعة على الزنا وتبين للقاضي أنها بكر أو أنه مجبوب فهنا سقطت العلة.
قلنا ليس هذه العلة، بل العلة هو إيلاج في فرج محرم، فلما تبين أنه مجبوب لم تثبت العلة أصلًا.
وعلى هذا علة ثبوت الشهر الرؤية أو إتمام الشهر، فمن قال العلة مجرد الوجود فقط أبطل العلة الشرعية واستبدلها بغيرها، ومن قال هي وسيلة للإثبات والوسائل غير مقصودة، قلنا: الوسائل التي علقت عليها التعبدات أو الأحكام الشرعية علل مقصودة، مثل الوضوء وسيلة للصلاة وهي مقصودة، والحاصل أنه يجب الحفاظ على العلل الشرعية للأحكام وإلا لأدى إلى بطلان النصوص.
٤ - أين القطع في الحساب الفلكي؟
ومما يستدل به أن الحساب الفلكي مقطوع به فهو أولى من الرؤية.