وجوابه أن الرؤية مقطوع بها؛ لأنها منتهى الحس، لكن الإخبار بها يفيد العلم لا القطع.
وكذلك الحساب الفلكي مقطوع به في وجود الهلال، لكنه عند الإخبار به يفيد العلم لا القطع
فاستويا.
فإن شهد شهود بلغوا حد التواتر من جهات عديدة فهذا مقطوع به رؤيةً وإخبارًا.
فإن تعارض مع الحساب الفلكي الذي تواتر، بأن قال الشهود: رأينا. وقال الحساب: غاب قبل الشمس. فهذه الصورة مستحيلة الوقوع لكن لو قال الحساب الفلكي موجود وتعذرت الرؤية أو استحالت فقولهم متعذر أو مستحيل راجع إلى تجارب رصد عبر سنين طويلة بنوا عليها أقل إمكان للرؤية.
فهو هنا يفيد العلم القريب من القطع، لكن لو عارضه شهادة متواترة بطل؛ لأنها قاطعة لأنا إذا تركناها وقد تواترت كنا قد رددنا ما علق عليه الشرع بالنص والإجماع بما لم يعلق عليه الشرع بلا بنص ولا إجماع.
كما أنه يقال هل تقصدون مقطوعًا به من حيث الوجود أم من حيث إمكان الرؤية؟
فإن قلتم من حيث إمكان الوجود قلنا مجرد الوجود مؤد إلى إبطال الحكم الشرعي؛ لأنه قد يولد قبل مغرب يوم الرؤية بعشرين ساعة فيؤدي إلى صيام يوم التاسع والعشرين من شعبان.
وإن كان المعنى مقطوع به من حيث إمكان الرؤية قلنا ليس مقطوعًا به؛ لأن هذا أقل ما وجد فهو مبني على التجربة وعلى خبر راصد واحد كما تقدم، فكيف يكون مقطوعًا به، بل هو أقل ما وجد. وإن قلتم مقطوع به من حيث أنه لو غرب قبلها أو معها أو غربت كاسفة أو لم يولد وهذه هي محلات القطع الأربعة فلكيًا.