٣ - مقاصد الشرع في الصيام من جهة الغايات والأهداف والأسرار.
أما النوع الأول: فراجع إلى خطاب التكليف الذي نزل في هذه العبادة، ودلالاته المفهومة من اللسان العربي ..
فالشرع إنما وضع الشريعة؛ للإفهام بلسان عربي مبين، فهذه الدلالات اللسانية مقصودة شرعًا.
لذلك تؤخذ الأحكام من هذه الدلالات مباشرة. (١)
ومن خلال هذه الدلالات وسياقاتها، يتبين أن الشرع قصد إفهامنا أن هذا شرط، وهذا ركن، وهذا مبطل، وهذه رخصة.
لأن الركن والشرط ما أدى تركه إلى عدم وجود الكيفية الشرعية للعبادة التي هي ماهيتها، وهذا مؤد إلى بطلان العبادة.
ودلالة النص الشرعي على ذلك يكون بجعل العبادة مركبة من هذه الأمور.
ففي الصوم قال سبحانه: -بعد إباحة الجماع والأكل والشرب إلى الفجر- ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة (١٨١)] فعلمنا أن الصيام المأمور به هو: الامتناع عن هذه الثلاثة الأشياء. وأن هذا مقصود الشرع بلفظ الصوم.
إذا فما هي دلالة الأكل والشرب والرفث في اللسان العربي الذي وضعت الشريعة به
كما دلت السنة على بطلان صوم الحائض والنفساء، فدل على أنه مانع صحة يجب خلو العبادة الشرعية منه، وعلى هذا بقية الدلالات.
كما أن اللفظ المحتمل لمعنيين مقصود وضعه هكذا؛ لينزله الفقيه على واقعه المعين وفق دلالة وينزله آخر في واقع آخر، وفقه الدلالة الأخرى.
(١) وقد عقد الشاطبي مبحثًا هامًا حول مقصد الشرع في وضع الشريعة للإفهام.