أباح له الفطر في الكتاب والسنة. وأما قولهم لا يفطر فإنما ذلك استحباب لما عقده فإن أخذ برخصة الله كان عليه القضاء، وأما الكفارة فلا وجه لها، ومن أوجبها فقد أوجب ما لم يوجبه الله ولا رسوله ﷺ. وقد روي عن ابن عمر في هذه المسألة: يفطر إن شاء في يومه ذلك إذا خرج مسافرًا، وهو قول الشعبي وأحمد وإسحاق (١).
[المسألة الرابعة: أما من أين يفطر المسافر إذا خرج من البنيان وبيان ما يتنزل عليه من فقه العصر]
الأصول الحاكمة لهذه المسألة الآية: ﴿وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا، أو عَلَى سَفَرٍ﴾ [البقرة: ١٨٥] وسؤال الدلالة هنا أن ننظر في تحقيق المناط وهو اسم السفر متى يتحقق.
والأصل الآخر ضبط ذلك بالعرف؛ لأن العادة محكمة.
والأصل الثالث أن الفتوى تتغير بتغير العادات والأعراف.
ومن خلال هذه الأصول انطلق الدرس الفقهي في المذاهب الأربعة، والظاهرية.
أما الأربعة فقد اتفقوا في الجملة على أنه لا يأخذ برخص السفر إلا بعد مجاوزة العمران، ثم اختلفوا نوعا ما في تفاصيل ذلك؛ نظرا لاختلاف الأعراف بين البلدان.
وأبرز ما اتفقوا عليه هو مجاوزة العمران وما يتبعه عرفًا ولو تعددت القرى واتصل بناؤها، أو كانت تابعة عرفًا والتبعية تضبط عند كل فريق بما يقضي عرفه.
وأبرز ما اختلفوا فيه نظرا لاختلاف عرف كل منهم: الاختلاف في تبعية
(١) تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن (٢/ ٢٧٩).