وقال القرافي في الفرق الثاني والمائة بين قاعدة أوقات الصلاة: يجوز إثباتها بالحساب والآلات وكل ما دل عليها، وقاعدة رؤية الأهلة في الرمضانات لا يجوز إثباتها بالحساب، وفيه قولان عندنا وعند الشافعية، والمشهور في المذهب عدم اعتبار الحساب، قال سند: إن كان الإمام يرى الحساب فأثبت الهلال به لم يتبع لإجماع السلف على خلافه، مع أن حساب الأهلة والخسوف والكسوف قطعي، فإن الله سبحانه أجرى عادته بأن حركات الأفلاك وانتقالات الكواكب السبعة على نظام واحد طول الدهر، وكذلك الفصول الأربعة، والعوائد إذا استمرت أفادت القطع، كما إذا رأينا شيخا نجزم بأنه لم يولد كذلك، بل طفلا للعادة. وإلا فالعقل يجوز ولادته كذلك. فالقطع الحاصل فيه إنما هو لأجل العادة، وإذا حصل القطع بالحساب فينبغي أن يعتمد عليه كأوقات الصلوات. والفرق هاهنا وهو عمدة الخلف والسلف أن الله ﵎ نصب زوال الشمس سببا لوجوب الظهر، وكذلك بقية الأوقات، فمن علم شيئا بأي طريق لزمه حكمه، فلذلك اعتبر الحساب المفيد القطع، وأما الأهلة فلم ينصب خروجها من شعاع الشمس سببا للصوم، بل نصب رؤية الهلال خارجا عن شعاع الشمس هو السبب، فإذا لم تحصل الرؤية لم يحصل السبب الشرعي ولا يثبت الحكم، ويدل لذلك قوله ﷺ: "صوموا لرؤية الهلال وأفطروا لرؤيته ولم يقل: لخروجه عن شعاع الشمس، قال في الصلاة: ﴿أقم الصلاة لدلوك الشمس﴾ [الإسراء: ٧٨] أي ميلها، انتهى أكثره بلفظه، وفيه إثبات القول بالاعتماد على حساب المنجمين، كما نقله صاحب التوضيح وغيره، وما فرق به بين أوقات الصلاة ورؤية الأهلة حسن، وقد قبله ابن الشاط وله في الذخيرة نحو ذلك.