للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والقول بالسنية عسر أمام النص الظاهر، إلا أن تعاملهم مع النصوص سلك مسلك الجمع فاضطروا إلى تأويل الحديث بأن جعلوا (فرض) أي قدر مع أن الحقائق الشرعية لا تحمل على اللغوية، لكن ألجأهم الجمع وهي طريقة أصولية لكنه ضعيف هنا.

المسألة الثالثة: على من تجب.

هي واجبة على كل مسلم قادر على إخراجها عن نفسه وعمن في ولايته ممن يمونه من صغير وكبير وذكر وأنثى، وهذا محل اتفاق في الجملة والأول مأخوذ من نص الحديث المتقدم والثاني مأخوذ من عموم التكليف كما يلي:

١ - أما كونها لا تجب إلا على مسلم فلنص الحديث (من المسلمين).

إلا أن الشافعية في الأصح قالوا بوجوبها على الكافر الأصلي عن قريبه المسلم الذي ينفق عليه، وإنما ذهبوا إلى هذا قياسًا على النفقة، فإن النفقة على الكافر واجبة لقريبه المسلم، وهكذا زكاة الفطر؛ لأنها واجبة أولًا على القريب، ثم تحمل الوجوب الكافر عنه (١).


(١) قال في مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (٢/ ١١٢):
«(ولا فطرة على كافر) أصلي لقوله " من المسلمين " وهو إجماع قاله الماوردي؛ لأنها طهرة، وليس من أهلها، والمراد أنه ليس مطالبا بإخراجها، وأما العقوبة عليها في الآخرة فعلى الخلاف في تكليفه بالفروع. قاله في المجموع: والأصح أنه مكلف بها، وقال السبكي: يحتمل أن هذا التكليف الخاص لم يشملهم لقوله في الحديث " من المسلمين " وأما فطرة المرتد ومن عليه مؤنته فموقوفة على عوده إلى الإسلام، وكذا العبد المرتد ولو غربت الشمس ومن تلزم الكافر نفقته مرتد لم تلزمه فطرته حتى يعود إلى الإسلام (إلا في عبده) أي رقيقه المسلم ولو مستولدة (وقريبه المسلم) فتجب عليه عنهما (في الأصح) كالنفقة عليهما، وهكذا كل مسلم يلزم الكافر نفقته كزوجته الذمية إذا أسلمت وغربت الشمس وهو متخلف في العدة وأوجبنا نفقة مدة التخلف وهو الأصح، والثاني: لا تجب عليه؛ لأن الكافر ليس من أهلها والخلاف في هذه المسائل مبني على أن من وجبت فطرته على غيره هل وجبت عليه ثم تحملها عنه المخرج أم وجبت ابتداء على المخرج؟ وجهان أصحهما أنها بطريق التحمل، فالأول مبني على الأول، والثاني على الثاني، وعلى الأول. قال الإمام: لا صائر إلى أن المتحمل عنه ينوي، والكافر لا تصح منه النية»

<<  <   >  >>