للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وغيره، وهو المذهب، لكن نقل عن الزيادي، وهو أحد فقهاء المذهب الرجوع بعد الرؤية الحسية لتراكم الدخان في القصبة (١).

ونوقش أن الأثر ليس من الدخان؛ بل من بقايا الرماد.

ثم رجح الشرواني ونقله عن بن قاسم وابن الجمال وابن زياد اليمني أن الدخان (التبغ) مفطر للصائم؛ لأن له عينًا.

[شرب السيجارة المعاصرة والشيشة والمداعة ونحوها مفطر للصائم]

تقدم أن المذاهب الأربعة على أنه مفطر، وهذه الفتوى هي ما عليه فقهاء العصر لا أعلم بينهم خلافا ونقل الاتفاق على ذلك رشيد رضا فقال «شرب الدخان في رمضان ما علمت أن أحدًا من فقهاء المسلمين قال: إن شرب هذا الدخان غير مفطر

للصائم؛ ولذلك أستغرب هذا السؤال، ولا شك في أن مادة هذا الدخان تدخل في

الجوف وأنها تؤثر في شاربه تأثيرًا ينافي الصيام وحكمته، ولذلك اتفق جميع الناس

على تسمية التدخين شربًا، فشرب الدخان مبطل للصيام قطعًا» (٢)


(١) تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (٣/ ٤٠١). جاء في حواشي الشرواني: وقد نقل عن شيخنا الزيادي أنه كان يفتي بذلك أولا ثم عرض عليه بعض تلامذته قصبة مما يشرب فيه وكسرها بين يديه وأراه ما تجمد من أثر الدخان فيها، وقال له هذا عين فرجع عن ذلك وقال حيث كان عينا يفطر وناقش في ذلك بعض تلامذته أيضا بأن ما في القصبة إنما هو من الرماد الذي يبقى من أثر النار لا من عين الدخان الذي يصل إلى الدماغ، وقال: الظاهر ما اقتضاه كلام الشارح م ر من عدم الإفطار به وهو الظاهر غير أن قول الشارح م ر وإن تعمد فتح فيه لأجل ذلك قد يقتضي أنه لو ابتلعه أفطر وعدم تسميته عينا يقتضي عدم الفطر اه.
أقول هذه المناقشة مع مخالفتها للمحسوس ترد بأنه لو سلم أن ما في القصبة من الرماد المذكور فما التصق بالقصبة منه عشر أعشار ما وصل منه إلى الدماغ كما هو ظاهر فالمعتمد بل الصواب ما تقدم عن شيخنا وسم وابن الجمال وغيرهم من الإفطار بذلك ويأتي عن ابن زياد اليمني ما يوافقه.
(٢) قال رشيد رضا: مجلة المنار (٣١/ ١٨٩ بترقيم الشاملة آليا)

<<  <   >  >>