للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد يقال: بأي ميزان جعلت القسم الثاني متمما.

وجوابه: إن منهجية التشريع في القرآن في العبادات أن كل ما شرع لها من تكليف أمرا ونهيا، فهو داخل في ماهيتها، محقق لها، لا تقوم إلا به هذا الأصل إلا أن يرد صارف.

فعلمنا أن الصيام كف عن الطعام والشراب والجماع، لأن الأمر والنهي انصب عليه، وبهذا تبين أن الشرع قصد التعبد بترك شهوتي البطن والفرج في نهار رمضان.

كما أنه نص على أن الغاية والمقصد الأكبر للصوم هو تحقيق التقوى.

وسائر ما تعلق بالصيام من أمر ونهي أخلاقي وغيره راجع إلى تحقيق التقوى فهو المقصد الغائي الأكبر وسواه متمم له.

وقد ذهب أبو محمد ابن حزم إلى بطلان الصيام بالمعاصي وجعلها داخلة في الماهية، مستدلًا بما في صحيح البخاري، قال: حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : ﴿مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ﴾ (١).

٢ - مقصد تلاوة القرآن وتدبره.

﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ

بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [البقرة (١٧٩)].

يستدل بهذه الآية على أن نزول القرآن كان في شهر رمضان وجاء هذا المعنى في آيات أخرى، في قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ﴾ [الدخان (٣)]


(١) صحيح البخاري (٣/ ٢٦ ط السلطانية)

<<  <   >  >>