للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي هذه الحالة لو قال الفلكيون هو موجود لكن يستحيل رؤيته، فقولهم غير لازم لنا؛ لأن السبب الشرعي انعدم وهو الرؤية، ولا نكلف الأمة من شرقها لغربها بما لم يكلفها الله وبما تعذر عليها جميعًا رؤيته.

وإنما يفتى بهذه الفتوى في مناطق جزئية مثل اليمن ومكة والشام المتقاربة؛ لأنه يحتمل حصول ضباب أو غيم أو قترة في بعضها.

وقد نقل ابن رشد أن الإجماع انعقد على أن البلاد المتباعدة جدًا كالأندلس والمشرق أن لكل قوم رؤيتهم.

[المطلب الرابع: حكم من سافر من بلد الرؤية إلى بلد لم يروه وعكسه]

هذه المسألة تنزل في عصرنا كثيرًا حيث يسافر المرء بالطيران ووسائل النقل الحديثة من بلد إلى بلد آخر ويمكن أن يختلف البلدان في الرؤية والعيد.

فهل يتغير حكمه أم لا؟

أصول هذه النازلة هي النصوص المتواترة التي قدمناها عن أكثر من ثلاثة عشر صحابيًا وهو قوله ﴿صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته﴾.

فهذا كان في بلد صحت الشهادة الشرعية بالرؤية فالصيام فرض عليه وعلى من سمع بذلك.

فإن وصل إلى أهل ذلك البلد الذي لم يروه، فإنه لا يزمه حكمهم؛ لأن المثبت مقدم على النافي؛ ولأن النصوص عامة في الرؤية فإن ثبتت لزمت الجميع وكان على أهل هذا البلد الصوم.

ولا يصح التعلق باختلاف المطالع في عصرنا؛ لأنه لم يثبت في ذلك نص عن الشرع بل هو اجتهاد تنزيلي عن ابن عباس في حديث كريب ووافقه الشافعية كما تقدم.

<<  <   >  >>