للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويرد مذهبه صراحة حديث أبي سعيد في مسلم أنه صاموا بعد ذلك مع رسول الله في السفر ﴿حدثني قزعة. قال: أتيت أبا سعيد الخدري وهو مكسور عليه. فلما تفرق الناس عنه، قلت: إني لا أسألك عما يسألك هؤلاء عنه. سألته عن الصوم في السفر؟ فقال: سافرنا مع رسول الله إلى مكة ونحن صيام. قال: فنزلنا منزلا. فقال رسول الله : "إنكم قد دنوتم من عدوكم والفطر أقوى لكم". فكانت رخصة. فمنا من صام ومنا من أفطر. ثم نزلنا منزلا آخر. فقال: "إنكم مصبحوا عدوكم. والفطر أقوى لكم، فأفطروا" وكانت عزمة. فأفطرنا. ثم قال: رأيتنا نصوم، مع رسول الله بعد ذلك، في السفر﴾ (١).

[المسألة الثانية: ما هو السفر المقصود؟]

أما ما يطلق عليه اسم السفر فالقاعدة في هذا وأمثاله أن إطلاقات القرآن التي لم تحدد لا في القرآن ولا في السنة يرجع فيها إلى اللغة، أو العرف.

ولم نجد حدًا في القرآن وأما في السنة فنجد إطلاقات السفر في عدد من النصوص التي لأجلها اختلفت أنظار الفقهاء وليس هذا الباب من التعارض؛ لأن إطلاق اسم السفر على حد لا ينفي ما عداه، وقد تقدم بسط الكلام على معاني النصوص في أحكام السفر.

فمنهم من أخذ بالأقل ومنهم بالأكثر ومنهم من رجع إلى العرف؛ لأن مجرد تسميته سفرًا في نص لا يدل على نفي ما عداه أما من أخذ بالأكثر فسلكوا مسلك الترجيح؛ لأن الترجيح بأكثر ما أطلق في السفر أحوط وهذه طريقة من طرق الترجيح.

أما من أخذ بالأقل؛ فلأن تسمية السفر على هذا الحد ثبت بلفظ شرعي فما صدق عليه اسمه فهو سفر له أحكام السفر.

أما من أخذ بالعرف فادعى أن الأحاديث لم تقصد تحديد ما هو


(١) صحيح مسلم (٢/ ٧٨٩ ت عبد الباقي).

<<  <   >  >>