للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعنى في الآيتين على القادر، أحدهما تخاطب القادر ألا يصوم، والثانية تخاطبه بالصوم.

وهذا باطل؛ لأنه لا تناقض في النصوص، فوجب النظر في معنى الآيتين، فما كان لفظه غير بين أرجعناه إلى المحكم البين.

ولفظة: ﴿يُطِيقُونَهُ﴾ محتملة للقادر ولمن عليه مشقة ولكبار السن والعجزة.

ولفظة ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة: ١٨٥] لا احتمالات فيها؛ بل بينة محكمة في الوجوب. فهي التي عليها العمل.

أما الأخرى فننظر إن كان معناها تخيير الذين يشق عليهم الصوم، ففيه إشكال من جهة أن المشقة تنقسم إلى مؤقتة، كعمال المناجم والطرقات في أيام الصيف الشديد، وإلى دائمة كمثل كبير السن العاجز وبعض مرضى السكر العاجزين عن الصوم.

فالقسم الأول يؤدي إلى رفع الصوم على كل من ادعى المشقة، وهذا غير منضبط ويؤدي إلى إبطال التكليف، وما أدى إلى إبطال التكليف فهو باطل، ولا تعلق أحكام الشريعة على ما يعود عليها بالإبطال.

فتبين أن معنى ذلك هو الزمانة والعجزة ونحوهم.

المسألة الثانية: تحقيق نسخ آية وعلى الذي يطيقونه.

صرح بذلك ابن أبي ليلى عن الصحابة قال البخاري: وقال ابن نمير حدثنا الأعمش حدثنا عمرو بن مرة حدثنا ابن أبي ليلى حدثنا أصحاب محمد نزل رمضان فشق عليهم فكان من أطعم كل يوم مسكينًا ترك الصوم ممن يطيقه ورخص لهم في ذلك فنسختها: ﴿وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٤] فأمروا بالصوم (١).


(١) صحيح البخاري (٣/ ٣٤ ط السلطانية).

<<  <   >  >>