للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال غيرهم يبطل اعتكافه. والناظر في مثل يجب عليه أن يسبر مواقع تأثير النسيان في الحكم والاتفاق، فإن نسيان الواجب، أو الركن، أو الشرط إنما يرفع الإثم، أما التدارك فواجب فمن نسي ركعة، أو نسي ركنًا في الوضوء فتذكر وجب عليه تداركه. وإنما يرفع عنه الإثم في فعله، وفي استمرار نسيانه له.

أما المحرمات فمن عملها ناسيًا، فهي عفو لكن لو تعلقت بركن عبادة فيجب الإتيان به.

ولا نعلم استثناء من القاعدة غير الصوم؛ للنص الخاص فيه: عن أبي هريرة ، عن النبي قال: «إذا نسي فأكل وشرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه.» (١) فرفع الإثم وصحح العبادة.

وعليه فمن خرج من معتكفه ناسيًا فإنه لا إثم عليه، لكن العبادة هل تصح الأصل أنها لا تصح. لأن النسيان لا يسقط الأركان، وهذا الذي جرى عليه مالك وغيره.

لكنهم اتفقوا في المكره بعدم البطلان والعلة العلة؛ لأن المكره أبطل الركن فكيف يكون صحيحا.

[تحقيق ما يعفى فيه عن النسيان مع الصحة وما يعفى مع عدمها]

والمسألة ينبغي أن يقال فيها أن ما تبين شرطه، أو ركنه بالنص والإجماع فليجب الإتيان به على كل حال.

ومثلها الصلاة وأركان الحج المجمع عليها وجماع المعتكف، ولا يستثنى إلا الصوم؛ للنص.

وأما ما لا يعلم فيه الركنية بالنص، أو الإجماع فمحل نظر في كل مسألة. ولا أركان على وجه القطع إلا في العبادات المحضة، أما في المعاملات، فهي


(١) صحيح البخاري (٣/ ٣١ ط السلطانية).

<<  <   >  >>