النوع الثاني: الأدلة الجزئية.
أما الأدلة الجزئية في الباب، فهي من القرآن والسنة.
أما من القرآن: فقوله تعالى: ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾. [البقرة: ١٨٨].
رتب النهي على الاعتكاف في المساجد فدل أن صورة الاعتكاف الشرعي يكون في المساجد؛ لأن الأحكام الشرعية العبادية مرتبة على العبادة الشرعية المعينة وهي هنا الاعتكاف في المساجد.
ولم يعلق الأحكام على العكوف خارج المسجد؛ لأنه فعل عادي لا عبادي.
وبالتأمل في أحكام التعبدات تبين أن الشرع في العبادات إن حددها بمحددات معينة من أمر أو نهي ونحو هذا، فهي من الماهية الشرعية وهي مطلوبة في العبادة.
يدل لذلك لما طلب الشرع القبلة للصلاة علم أنها جزء من الماهية الشرعية وكذا الوضوء والوقت
والركوع والسجود والقيام والقراءة.
وفي الحج لما ذكر الطواف عرفنا أنه من ماهية العبادة التي هي الصورة والكيفية الشرعية التي لا يصح الحج والعمرة بدونها وهكذا.
وإن كانت هذه الأمور بعد ذلك تفصل في العرف الفقهي إلى شروط وأركان.
وهنا لما ذكر اجتناب النساء في عبادة الاعتكاف في المساجد علم أن هذه العبادة هذا محلها شرطا، وهذا مفسدها.
أما الأدلة الجزئية من السنة: فالنصوص التي يبنى عليها، ترجع إلى ثلاثة:
الأول: ما دل على فعل الاعتكاف في المسجد.
الثاني: ما دل على ما يجوز له أن يفعله.
الثالث: ما دل على الاعتكاف دون صيام أو بصيام.