للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتختلف المواقيت ولو في البلد الواحد لتعدد المشارق والمغارب حسب المكان، فتجد بين مدينة ومدينة فرقًا في التوقيت للصلاة والإفطار وقت الغروب.

والهلال جعله الله علامة على دخول شهر رمضان وخروجه ودخول الحج وتوقيتات شعائره.

فوجب أن يعلم بأي وسيلة كانت والرؤية وسيلة إثبات الشهر. علق الشرع الصوم بها، فوجبت. ومقصودها حصول العلم بتحقق وجود الهلال وإذا تم هذا التحقق بوسيلة غير الرؤية جاز فالمقصود هو حصول التحقق من الوجود أو العدم فإن حصل بأداة مطابقة للواقع قطعا صح، والدليل عليه أن الشرع جعل حكم اغتمام الهلال عدمًا؛ لأنه لم يره، لكن إذا رؤي الهلال من بلدة أخرى غير بلد الاغتمام وجب العمل بذلك وبطل تعليق الحكم على الاغتمام لما ثبت رؤيته من مكان آخر.

كما فعل النبي لما أتم العدة نظرًا لعدم ثبوت الرؤية واغتمام الهلال، عن أبي عمير بن أنس، قال: حدثني عمومة لي من الأنصار من أصحاب رسول الله قال ﴿أنهم صاموا زمن النبي يوم الثلاثين فجاء ركب آخر النهار فأخبروهم أنهم رأوا الهلال أمس فأمر الناس أن يفطروا ويخرجوا للعيد من غدهم﴾. (١) قلت: سنده صحيح. ولو ثبت وجوده بالحساب القاطع في الأفق لولا الغمام لكان العمل بذلك واجبًا؛ لأنه تحقق من إبطال الاغتمام والبناء عليه. فهو مساو للرؤية وهو ما يدل عليه هذا الحديث.

كالشمس إن غطتها السحب وقت الغروب فالواجب التحقق بوسيلة التوقيت والحساب، وهو ما عليه العمل؛ لأن الحساب والتوقيت معبر تعبيرا مطابقا للواقع.


(١) مصنف ابن أبي شيبة (٦/ ٤٥ ت الشثري) وهو عند أحمد (٢١/ ٣٩٥ ط الرسالة) وسنن ابن ماجه (٢/ ٥٦٦ ت الأرنؤوط).

<<  <   >  >>