للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكن إن كان ليس اغتمامًا لكنه العدم الفلكي القاطع حيث لم يولد الهلال بإثبات العدول المسلمين الخبراء من أهل الفلك المتفقين على ذلك. فهذا لا تعلق به الأحكام ولا تلزم الرؤية أصلًا.

والأمر بالرؤية للوجوب، لأنه علق الصيام بها وبتمام العدة فدل على وجوبها؛ لأنها وسيلة لإثبات الشهر. والوسائل لها أحكام المقاصد، فصار فرضًا أن يقوم البعض بالرؤية، وهي من نوع فروض الكفايات. كما قال فقهاء الحنفية: " يجب كفاية التماس الهلال ليلة الثلاثين من شعبان؛ لأنه قد يكون ناقصا" (١).

واستحبه الحنابلة -والاستحباب بعيد في النظر- حيث نصوا أنه: "يستحب للناس ترائي الهلال ليلة الثلاثين من شعبان، وتطلبه ليحتاطوا بذلك لصيامهم، ويسلموا من الاختلاف" (٢).

وقد أمر به النبي وقد كان الصحابة يفعلون ذلك بين يديه وبعده

فعن عائشة أنها قالت: ﴿كان رسول الله يتحفظ من شعبان ما لا يتحفظ من غيره، ثم يصوم لرؤية رمضان، فإن غم عليه عد ثلاثين يومًا ثم صام﴾ (٣). وهذا إسناده حسن.

وعن ابن عمر قال: ﴿تراءى الناس الهلال، فأخبرت رسول الله أني رأيته، فصامه، وأمر الناس بصيامه﴾ (٤).

وعن أنس بن مالك ما يدل أنهم كانوا يتحرونه بعد النبي ، حيث قال: كنا مع عمر بين مكة والمدينة، فتراءينا الهلال، وكنت رجلًا حديد البصر، فرأيته وليس أحدٌ يزعم أنه رآه غيري -قال- فجعلت أقول


(١) مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح (ص ٢٣٩).
(٢) المغني لابن قدامة - ت التركي (٤/ ٣٢٥). كشاف القناع (٢/ ٣٠٠ ت مصيلحي).
(٣) سنن أبي داوود- ت محمد محيي الدين (٢/ ٢٩٨).
(٤) صحيح ابن حبان - ت الأرنؤوط (٨/ ٢٣١).

<<  <   >  >>