للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد تنازعه الفريقان فمن أجاز تأوله ومن منع حمله على الظاهر.

قال النووي: رواه البيهقي هكذا مرفوعا وموقوفا علي أبى موسى واحتج به البيهقي على أنه لا كراهة في صوم الدهر وافتتح الباب به فهو عنده المعتمد في المسألة وأشار غيره إلى الاستدلال به على كراهته والصحيح ما ذهب إليه البيهقي ومعنى ضيقت عليه أي عنه فلم يدخلها أو ضيقت عليه أي لا يكون له فيها موضع. انتهى.

قلت: وهذا التأويل بعيد عن ظاهر اللغة، لذلك تعقب ابن حزم هذا التأويل. (١)

أما ما أوردوه من حديث أبي مالك الأشعري الصحابي قال " قال رسول الله إن في الجنة غرفة يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها أعدها الله لمن ألان الكلام وأطعم الطعام وتابع الصيام وصلى بالليل والناس نيام " رواه البيهقي.

وهو متعقب بأن المتابعة لا تقتضي الدهر، وكذلك السرد.


(١): المحلى بالآثار (٤/ ٤٣٦). «قال علي: من نوادرهم قولهم: معناه ضيقت عليه جهنم حتى لا يدخلها؟ قال علي: وهذه لكنة وكذب -: أما اللكنة: فإنه لو أراد هذا لقال: ضيقت عنه، ولم يقل: عليه، وأما الكذب: فإنما أورده رواته كلهم على التشديد والنهي عن صومه فكيف ورواية شعبة المذكورة إنما هي ضيق الله عليه فقط؟ ومن طريق عبد الرحمن بن مهدي عن أبي إسحاق أن ابن أبي أنعم كان يصوم الدهر؟ فقال عمرو بن ميمون: لو رأى هذا أصحاب محمد لرجموه. قال علي: هم يدعون الإجماع بأقل من هذا؛ وقد يكون الرجم حصبا كما كان يفعل ابن عمر بمن رآه يتكلم والإمام يخطب.
ومن طريق شعبة عن يحيى بن عمر والهمداني عن أبيه أنه سمع عبد الله بن مسعود - وسئل عن صوم الدهر - فكرهه. ومن طريق أبي بكرة، وعائذ بن عمرو أنهما كرها صوم رجب، وهذا يقتضي ولا بد أنهما لا يجيزان صيام الدهر. قال علي: لو كان مباحا عند ابن مسعود ما كرهه، لأن فعل الخير لا يكره، ولا يكره إلا ما لا خير فيه ولا أجر. وعن الشعبي أنه كره صوم الدهر. وعن سعيد بن جبير أنه كره صوم شهر تام غير رمضان»

<<  <   >  >>