للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما ما جاء عن الصحابة من السرد وصوم الدهر، فمعارض بمثله فممن نقل أنه صام الدهر ما جاء عن عروة أن عائشة " كانت تصوم الدهر في السفر والحضر " قال النووي: رواه البيهقي بإسناد صحيح.

وعن أنس قال " كان أبو طلحة لا يصوم على عهد النبي من أجل الغزو فلما قبض النبي لم أره مفطرا إلا يوم الفطر أو الأضحى " رواه البخاري في صحيحه (١)

فهذا الآثار وغيرها عن الصحابة معارض بمثلها فقد صح عن عمر النهي عنه والضرب عليه ولا يضرب على جائز، فقد أخرج ابن حزم في المحلى «قال: بلغ عمر بن الخطاب: أن رجلا يصوم الدهر فأتاه فعلاه بالدرة وجعل يقول: كل يا دهر كل يا دهر؛ وهذا في غاية الصحة عنه؛ فصح أن تحريم صوم الدهر كان من مذهبه ولو كان عنده مباحا لما ضرب فيه ولا أمر بالفطر» (٢)

كما صح كراهته عن ابن مسعود وغيره.

أما الجواب على الأحاديث التي استدل بها المانع تحريما أو كراهة:

وهي لا صام من صام الأبد ونحوها، فاختار النووي جواب عائشة وقال وتابعها عليه خلائق من العلماء أن المراد من صام الدهر حقيقة بأن يصوم معه العيد والتشريق وهذا منهي عنه بالإجماع.

ثم ذكر وجهين آخرين فقال:

والثاني: أنه محمول على أن معناه أنه لا يجد من مشقته ما يجد غيره لأنه يألفه ويسهل عليه فيكون خبرا لا دعاء ومعناه لا صام صوما يلحقه فيه مشقة كبيرة ولا أفطر بل هو صائم له ثواب الصائمين.


(١) صحيح البخاري (٣/ ١٠٤١ ت البغا).
(٢) المحلى بالآثار (٤/ ٤٣٥).

<<  <   >  >>