للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومعنى الحديث أنه قلما يفطر يوم الجمعة إن وافقت صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وعلى هذا حملها ابن عبد البر وغيره.

قلت: وهذا الحمل هو الصحيح، تبين ذلك رواية ابن خزيمة: عن عاصم، عن زر، عن عبد الله، عن النبي أنه: «كان يصوم ثلاثة أيام من غرة كل شهر، ويكون من صومه يوم الجمعة» (١)

والذي يظهر من الأدلة الصريحة الصحيحة الناهية عن إفراد الجمعة بصيام التحريم وهو باق على ذلك، وما ورد من المعارض لا يقوى على صرفه، فلا يجوز صومه إلا يوما قبله أو بعده.

وتعلق المالكية بعد مالك على تأويلات منها: أن «الأصل في صوم يوم الجمعة أنه عمل بر لا يمتنع منه إلا بدليل لا معارض له» (٢)

وأي معارض أصرح مما جاء من النصوص عن النبي ، في أصح دواوين السنة.

أما تأويل بعضهم أن النهي عنه خشية أن يفرض، وقد ارتفعت العلة بموته .

فغاية في الضعف لأن النهي مقيد بالإفراد فإن صام معه قبله أو بعده فلا نهي بنص الحديث.

فليست العلة الخشية من فرضه على الأمة، وإلا لكانت في صومه مع غيره.

وقد تبين لي من صنيع المتأخرين من أصحاب المذاهب أنهم يبلغهم الحديث فيضطرون لتأويله حفاظا على قول الإمام.

مع أن الإمام مصرح بتعليل آخر لا علاقة له بما قالوه، ولا اطلع على الحديث.


(١) صحيح ابن خزيمة (٣/ ٣٠٣)
(٢) الاستذكار (٣/ ٣٨٢).

<<  <   >  >>