للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ورد الأكل في القرآن من الجنات والثمار والأسماك والأرزاق والأموال، ولم يرد غير ذلك من الخرز والحجارة والحديد، فلغة القرآن ولغة العرب لا شأن لها بعرف الفقهاء الذين أرادوا إدخال ذلك بمجرد أنهم يسموه أكلا، وإلا لأدخلنا قوله فلان تجرع الهم؛ لأنه دليل على الشرب، وهذا لا يقوله أحد

وقد قال أهل اللغة: "الشراب ما يشرب من المائعات" (١)، وقال الراغب: " الأَكْل: تناول المطعم" (٢).

وفي تاج العروس: " أكله ﴿أكلا﴾ ومأكلا قال ابن الكمال: ﴿الأكل: إيصال ما يمضغ إلى الجوف ممضوغا أولا، فليس اللبن والسويق﴾ مأكولا. قلت: وقول الشاعر:

من الآكلين الماء ظلما فما أرى … ينالون خيرًا بعد أكلهم الماء

فإنما يريد قوما كانوا يبيعون الماء، فيشترون بثمنه ما يأكلونه، فاكتفى بذكر الماء الذي هو سبب المأكول عن ذكر المأكول. قال المناوي: وفي كلام الرماني ما يخالفه، حيث قال: "الأكل حقيقة: بلع الطعام بعد مضغه، قال: فبلع الحصاة ليس بأكل حقيقة" (٣).

والذي يظهر أن الفقهاء تأثروا بالاصطلاح المتأخر حيث يطلق الأكل عندهم على غير ما في اللغة

قال النسفي في الغريب «وإذا حلف لا يأكل كذا فالأكل هو المضغ


(١) المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (١/ ٣٠٨).
(٢) المفردات في غريب القرآن (ص ٨٠).
(٣) تاج العروس من جواهر القاموس (٢٨/ ٨). وانظر كذلك: لسان العرب (١١/ ٢٢). الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (٤/ ١٦٢٤). مقاييس اللغة (١/ ١٢٢).

<<  <   >  >>