أما الحصاة والحديد والنحاس فلا يأكله إنسي، ولا حيوان، ولا يسمى مأكولا، ولا مشروبا حتى عند الاضطرار والحاجة، ولا عند العادة الطبيعية.
ومجرد وصوله إلى المعدة وكونه شغل حيزا من الفراغ ليس كافيا في الإفطار، فإنا لو ملأنا المعدة هواء لما كان له تأثير في الإفطار، وقد شغل حيزا.
ومن استدل لهذا التوجه أن من بلع حصاة يقال فيه أكل حصاة، أو ترابا، أو زجاجا، فدخل تحت عموم الأكل والشرب.
فالجواب أن عمومه هو لكل مطعوم ولو نادرا وكل مشروب ولو نادرا، والحجارة والخرز لا يقال لها مطعوم، وقد تصفحت كلام أهل اللغة وما فيهم أحد يقول أكل الحجارة، ولا الخرزة؛ بل الأكل هو كل مطعوم من الرزق كما نصوا على ذلك ومنه قوله تعالى: ﴿أُكُلُهَا دَائِمٌ﴾ [الرعد: ٣٥]، ولا يقال: إن معناه ثمراتها وحجارتها؛ لأنه يدخل في المأكول.
ومما يتعجب منه أن أحد العلماء يدافع عن بلع الخرز أنه يشمله عموم الأكل بحجة أن القطا يأكل الحجارة، ولعمري هل كلفنا الله بمأكول القطا، أم بمأكول بني آدم.
ولذلك فرق بين أكل الأنعام وأكل بني آدم فقال ﴿كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ﴾ [يونس: ٢٤]؛ لذلك قال الله تعالى: ﴿مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَة كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ﴾ [المائدة: ٧٥].
وليس معناه أنه يأكل غير الطعام؛ لأن إثبات البشرية هو بأكل الطعام. ولا بشر يأكل غير ذلك.