للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نقول مطمئنين أن جمهورها ليست من التكليف الشرعي في شيء وأنها من الاجتهاد الخاطئ المأجور عليه أجرا واحدا.

ولهذا نجد الظاهرية؛ بل الشافعية في مسالة البخور يرفضون هذا التوجه.

أما الشافعية فعللوا ذلك بأن البخور والدخان ليس له عين عرفًا والشريعة جارية على العادات الطبيعية.

أما الظاهرية فمذهبهم معروف. وهو التوقف عند النص وكذلك هو مذهب ابن تيمية في المفطرات

وهو ما ذهب إليه الشوكاني في السيل (١)

ولو عملنا بهذا الرأي الذي يعتمد المجهريات في الإفطار، أو يوسع في معنى المفطرات ومحلها بما لا مدخل له في معنى النصوص ولو من بعيد لضيقنا على المكلفين خاصة في مسائل العصر بلا برهان بين ولا دليل يدل ظاهرا أو نصا، ولا معنى نص.

وعلى ما تقدم يتبين أن الكلام حول الشيء المفطر وعلى محل الإفطار مبني في الدائرة الثالثة على القياس الشبهي الخفي الصوري المحض.

فمن بلع حصاة صورته كمن أكل طعاما، ولا تعلق الشرائع بالصور؛ بل بالمعاني.

وهذا ما جعل ابن القاسم لا يقول بالإفطار فيمن بلع حصاة متعمدًا؛ بل يعزر ويقضي لتهاونه، وهذا يدل أنه سدا للذريعة ودفعا للتهاون لا أنه يفطر حقيقة.

ومعلوم أن القياس الشبهي إن كان في مجرد الصورة بدون النظر إلى المعنى فهو بعد عن المقاصد والمعاني ويدخل الفقيه والناظر في مآزق كثيرة، والتكليف الشرعي جاء بإطلاقه لفظ ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا﴾ [البقرة: ١٨٨]، بما هو مأكول، أو مشروب مطلقًا معتادا، أو غير معتاد ولو نادرا كورق الشجر؛ لأنها تؤكل عند الحاجة كما فعل الصحابة.


(١) السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار (ص ٢٨٥)

<<  <   >  >>