للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والشرع إنما كلف بالأكل والشرب وما هو مساو لهما، أو له وجه في التغذية ولو نادرا هذا محل اتفاق، وهو ما تدل عليه النصوص.

والبعيد أن يقال إن من بلع حصاة فهو مفطر؛ لأنه ليس له أي معنى من المعاني السابقة، أو القريبة؛ لهذا رأى ابن القاسم أن من أكلها عمدًا عزر ولم يفت بالقضاء كما تقدم.

لكن الأبعد هو المسألة المجهرية فمسألة الحصاة على بعدها يمكن وضعها للمناقشة الفقهية الدلالية، أو المقاصدية.

أما الأعيان المجهرية التي لا ترى بالعين المجردة فتكليف عباد الله بها خارج عن دلالات النصوص لا بمطابقة، ولا تضمن، ولا التزام وخارج عن القياس الجلي والقياس الصحيح المناسب وخارج عن خدمة أي مقصد من مقاصد التكليف، وهو التعبد بترك شهوة البطن والفرج فأي شهوة بطنية، أو فرجية في شم البخور.

وأنت ترى أن النص ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا﴾ [البقرة: ١٨٨]. وليس البخور، ولا الروائح العطرة كذلك فلا تسمى أكلا، ولا شرابا لا على وجه بعيد، ولا قريب، ولا عرفي، ولا لغوي، ولا شرعي، وهذا سببه التعليل الجنسي الواسع، وهو دخول كل عين إلى محل الإفطار.

وهذا العلة ليست في النص مطلقًا،؛ بل مستنبطة، ولو كلف الله بها؛ لدخلت الأعيان جليلها وصغيرها مما يرى على جهة العادة لا ما كان مجهريا فإلحاق البخور بها متخيل متوهم على كل وجه.

وإنما لم يرد التكليف بها؛ لأن الشرع لم يقصد من الصيام سوى ترك الشهوة البطنية والفرجية تعبدا. ولم يقصد كل عين دخلت جوفا.

فالتكليف بها خارج عن النص ومقصوده وخارج عن التيسير المقصود صراحة في باب الصيام ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ، ولا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: ١٨٥].

فما هذه التفريعات الغريبة إلا تعسير شديد على المكلفين ونستطيع أن

<<  <   >  >>