للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما روي عن عمار في قضاء الصلوات حين أغمي عليه ضعيف من جميع طرقه فيما وقفت عليه.

وكذلك ما روي عن غيره مراسيل، فلم يصح إلا ما جاء عن ابن عمر.

وقد اختلفت فتاوى التابعين بناء على هذا.

وأما الصيام، فإن الله أمر المريض بعدة من أيام أخر.

والمغمى عليه مريض، لكن لما كان مرضه بلغ إلى ذهاب العقل فالكلية الشرعية هي عدم التكليف حينئذ لقوله -تعالى-: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة (٢٨٦)]. فكيف يقضي الصوم، وهو لا يعقل، فيغلب هذا الأصل الكلي؛ لأنه حاكم على كل الشريعة، ومن ادعى أن عليه القضاء جعله مريضا على الطبيعة، وليس كذلك فإن الأمراض تختلف فمنها ما يرفع العقل كمرض الجنون.

ثم يلزمهم على القول أنه مريض أن صومه صحيح في اليوم الذي أغمى فيه، وصحيح على من يقول بعدم النية، وصحيح على قول المالكية في إجزاء نية واحدة كل رمضان.

فدل على أن مرض ذهاب العقل يرفع به التكليف لذلك رفع عن المجنون، وهو مرض معروف يرتفع به العقل؛ فتسميته مرضا لم تؤثر في إعطائه أحكام المريض العادي مع انعدام أصل التكليف، وهو العقل.

وقد قال ابن عبد البر مبينًا تنازع الأصول في المسألة: والأصول مختلفة في قضاء ما يجب من الأعمال في أوقات معينة إذا فاتت أوقاتها.

فمنها أن صوم رمضان في وقت بعينه، فإذا منع المسلم من صيامه علة، كان عليه أن يأتي بعدته من أيام أخر.

ومنها أن أعمال الحج أوقات معينة، فإذا فات وقتها لم تعمل في غيرها؛ كالوقوف بعرفة وبمزدلفة، وغير ذلك من أعمال الحج، وكرمي الجمار في أيامها، وكالضحايا في أيامها، لا يعمل شيء من ذلك في غيرها،

<<  <   >  >>