للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قام دليل الإجماع على ذلك، وقام الدليل من القرآن على ما ذكرنا في قضاء الصيام، فلما احتملت الصلاة الوجهين جميعا طلبنا الدليل على ذلك، فوجدنا رسول الله قد بين مراد الله منها فيمن نام، أو نسي أنه يقضي، ورأينا العاجز عن القيام في الصلاة أنه يسقط عنه، وكذلك إن عجز عن الجلوس ونحوه حتى يومئ إيماء، فإذا لم يقدر على الإيماء فهو المغمى عليه، ووجب سقوط ذلك عنه بخروج الوقت.

ودليل آخر من الإجماع، وذلك أنهم أجمعوا على أن المجنون المطبق لا شيء عليه بخروج الوقت من صلاة، ولا صيام، إذا أفاق من جنونه وإطباقه، فكان المغمى عليه أشبه به منه بالنائم، إذ لا يجتذبه غير هذين الأصلين، ووجدناه لا ينتبه إذا نبه، فكان ذلك فرقا بينه وبين النائم. وفرق آخر: أن النوم لذة ونعمة، والإغماء علة ومرض من الأمراض، فحاله بحال من يجن أشبه منه بحال النائم (١).

وعلى هذا اختلفت فتاوى المعاصرين في المغمى عليه بحادث، وهو تحت أجهزة الإنعاش:

فذهب بن باز إلى أنه لا شيء عليه في الاغماء الطويل، أما اليوم واليومين فيقضي احتياطا، وهو الأرجح الذي نميل إليه أعني عدم القضاء مطلقا لا في القليل ولا الكثير إلا أن يحتاط فقط أما على جهة التكليف فلا؛ لأن الله تعالى أخذ منه محل التكليف وهو العقل فرفع معه الطلب.

وذهب ابن عثيمين إلى القضاء وهو قول درا الإفتاء المصرية (٢).


(١) "التمهيد - ابن عبد البر (٣/ ٥٠ ت بشار) وفي الاستذكار (١/ ٧٢)
"هذا ما يوجبه النظر لأنها مسألة ليس فيها حديث مسند
(٢) قال الشيخ بن باز "ليس عليه القضاء إذا أصابه ما يذهِب عقله، أو ما يسمى بالإغماء، فإنه إذا استرد وعيه لا قضاء عليه، فمثله مثل المجنون والمعتوه، لا قضاء عليه، إلا إذا كان الإغماء مدة يسيرة كاليوم أو اليومين أو الثلاثة على الأكثر فلا بأس بالقضاء احتياطًا، وأما إذا طالت المدة فهو كالمعتوه لا قضاء عليه، وإذا رد الله عقله يبتدئ العمل، ولا على أبنائه -لو مات- أن يقضوا عنه، نسأل الله العافية والسلامة"، انتهى (مجموع فتاوى سماحة الشيخ) إعداد وتقديم أ. د. عبد الله بن محمد الطيار والشيخ أحمد بن عبد العزيز بن باز ج ٥ ص ٢٤٠، (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز ١٥/ ٢٠٩). وهو على موقعه الرسمي.
أما ابن عثيمين فقال: "أما من جهة الصلاة فإنها لا تجب على واحد منهما على القول الراجح: إن زوال العقل بالإغماء من مرض أو من غير مرض يسقط وجوب الصلاة، فلا يلزمه القضاء بالنسبة للصلاة، وأما بالنسبة للصيام فيجب عليه أن يقضي الأيام التي لم يصمها في حال إغمائه، والفرق بين الصلاة والصيام أن الصلاة تتكرر، فإذا لم يقض ما فاته فسوف يصلي في اليوم التالي، وأما الصوم فإنه لا يتكرر، ولهذا كانت الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة https:// binothaimeen.net/ content/ ٤٣٧ وهذا ما ذهبت إليه دار الإفتاء المصرية أن المغمى عليه يقضي الصوم ولا يقضي الصلاة" رقم الفتوى: ٢٩٤٧ التاريخ: ٢٢ - ٠٧ - ٢٠١٤ من موقعها الرسمي.

<<  <   >  >>