حصل بين الصحابة خلاف في بني قريظة حين قال لهم النبي ﷺ: ﴿من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة﴾ (١).
ففهم أناس ظاهر اللفظ، وفهم أناس أن المراد من اللفظ هو السياق الذي لأجله قيل فيه، وهو أن المقصود هو الإسراع فلم يخطئ هؤلاء ولا هؤلاء.
ودلالة السياق والحال أسلوب في اللسان العربي.
لذلك كان نزول الآيات في سياق معين يفسر بعض فقه النص التزيلي لا أنه لا تفسير له إلا من خلال سياق النزول، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
والصحابة العرب الأقحاح لما سمعوا الآيات ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ﴾ [البقرة (١٨١)]، فهموا الأكل والشرب المعروف، وكل ما أكل وشرب على وجه العادة، أو الندرة، ولو كان ورق شجر، أو ثمرة نادرة، يشمله عموم هذا النص.
فكل سائل مشروب مقصود في اللفظة ولو سمًا، وكل أكل مقصود في اللفظة ولو ورق شجر، وقد أكل الصحابة ورق الشجر في بعض الغزوات.
ولم يفهموا أن قوله تعالى: ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا﴾ [البقرة (١٨١)] أي كلوا الطعام، والشراب، والحصى، والحديد، والتراب ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة (١٨١)] عن الأكل من طعام، وشراب، وحصى، وخشب، وحديد، وطعنة نافذة إلى الجوف، وإدخال قسطرة في إحليل.
فهذا خارج عن مقصود اللفظ العربي ووضعه للإفهام، لا من دلالة لفظية، ولا سياقية، ولا مفهوم، ولا منطوق، ولا تضمن، ولا مطابقة، ولا التزام، ولا عموم، ولا نص، ولا ظهور، ولا اشتراك، ولا ترادف.
(١) أخرجه البخاري في كتب صلاة الخوف، حديث رقم: (٩٤٦)، (٢/ ١٥)