للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعلى هذا التنزيل الفقهي اختلف الفقهاء على قولين في المسألة وهي من نوى من الليل، ثم أغمي عليه إلى الليل.

الأول: للشافعية، والحنابلة (١).

وهو بطلان صومه ودليلهم أن ركن الصوم النية والإمساك والنية وإن تحققت، لكن معنى الإمساك التعبدي لم يتحقق؛ لأن شرطه أن يكون مضافا لله كما في الحديث ﴿يترك طعامه وشرابه من أجلي﴾ (٢) وصيام المغمى عليه ليس كذلك لعدم القصد فعليه القضاء كالمريض.

وتعقب هذا أن النائم الذي نوى الصيام ليلا، ثم نام يومه كله يصدق عليه ذلك؛ لأنه نوى، وهذا كاف.

وأما المالكية فهم يبطلونها في هذه الصورة ولهم أقوال تقدمت.

الثاني: ومنهم من ذهب إلى صحة صومه؛ لأنه نوى وأمسك فكان كالنائم، ولا فرق.

وهذا قول أبي حنيفة (٣). وصومه صحيح عند ابن حزم ثم رجع عنه إلى القضاء.


(١) الحاوي الكبير (٣/ ٤٤٢) المغني (٣/ ٩٨).
(٢) أخرجه البخاري (٢/ ٢٤).
(٣) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٢/ ٨٨)، "وأما العقل فهل هو من شرائط الوجوب وكذا الإفاقة، واليقظة؟ قال عامة مشايخنا: إنها ليست من شرائط الوجوب، ويجب صوم رمضان على المجنون والمغمى عليه والنائم لكن أصل الوجوب لا وجوب الأداء بناء على أن عندهم الوجوب نوعان: أحدهما أصل الوجوب وهو اشتغال الذمة بالواجب وأنه ثبت بالأسباب لا بالخطاب، ولا تشترط القدرة لثبوته بل ثبت جبرا من الله تعالى شاء العبد، أو أبى، والثاني: وجوب الأداء وهو إسقاط ما في الذمة وتفريغها من الواجب، وأنه ثبت بالخطاب وتشترط له القدرة على فهم الخطاب وعلى أداء ما تناوله الخطاب، لأن الخطاب لا يتوجه إلى العاجز عن فهم الخطاب ولا إلى العاجز عن فعل ما تناوله الخطاب، والمجنون لعدم عقله، أو لاستتاره، والمغمى عليه، والنائم =

<<  <   >  >>