يصوم معهم؛ لأنه بالانتقال إلى بلدتهم أخذ حكمهم وصار من جملتهم. وقد روى أن ابن عباس ﵄"أمر كريبًا بان يقتدى باهل المدينة "(والثانى) أنه يفطر؛ لأنه التزم حكم البلدة الأولى فيستمر عليه وشبه ذلك بمن أكرى دابة يجب الكراء بنقد البلد المنتقل عنه واوهم في التهذيب ترجيح هذا الوجه (١).
قلت فأنت ترى أن الخلاف في الصورة في مذهب الشافعي بعد العلم أن الأصح هو أن لكل بلد رؤيتهم، وأن الأصح أنه يلزم البلد الذي انتقل إليه، والأقوال في المذهب مبنية على أصلين:
الأول: يعمل بتعميم الرؤية
ولا إشكال على القول بالتعميم أن على الرجل موافقة الرؤية حيث كانت ببلده أم بالبلد التي وصل إليه وعلى أهل البلد إن صحت عندهم شهادته العمل بها.
الثاني: يعمل باختصاص كل بلد برؤية
وعلى هذا القول وهو المعتمد في المذهب حصل إشكال في حل هذه النازلة فهذا الشخص هل يعمل برؤية البلد التي انتقل منها أم بالبلد التي انتقل إليها؟ فهل على الرجل أن يوافق البلد التي انتقل منها؛ لأنه لزم حكمها أم يعمل بالبلد التي انتقل إليها؟ والسبب الذي أدى إلى اختلاف التنزيل في المذهب على أصل أن لكل بلد رؤيتهم، أثر ونظر، أما الأثر فهي فتوى ابن عباس لكريب أن يعمل برؤية المدينة لا برؤية الشام التي جاء منها، وأما النظر فلأنه صار الآن من هذه البلد فتلزمه أحكامه.
وعارض ذلك قياس هو أن من اكترى دابة من بلد إلى بلد آخر لزمه النقد المتداول في البلد الذي سافر منها.
قلت هذا قياس مع الفارق؛ لأن العقد إنما انعقد ولزمه بشرطه على
(١) فتح العزيز بشرح الوجيز = الشرح الكبير للرافعي (٦/ ٢٧٧).