عرف ذلك البلد بخلاف الصوم فلزم عليه بالرؤية في البلد التي هو فيها فإن انتقل إلى آخر لزمه حكم الرؤية فيه؛ لذلك فالوجه المعتمد هو اللزوم.
ويفهم من تعليل فقهاء المذهب أن السبب في هذا الاختيار هو الموافقة لأهل الإسلام في ذلك البلد، ويمكن أن يستدل لهم بالحديث الصحيح عن أبي هريرة وعائشة مرفوعا: ﴿صومكم يوم يصوم الناس وفطركم يوم يفطرون﴾ وقد تقدم.
قال الرملي:(وإذا لم نوجب على أهل البلد الآخر) وهو البعيد (فصار إليه من بلد الرؤية) من صام به (فالأصح أنه يوافقهم) حتما (في الصوم آخرا) وإن كان قد أتم ثلاثين؛ لأنه بالانتقال إليهم صار منهم، وروي أن ابن عباس أمر كريبا بذلك، والثاني يفطر؛ لأنه لزمه حكم البلد الأول فيستمر عليه (ومن سافر من البلد الآخر) أي الذي لم ير فيه (إلى بلد الرؤية)، (عيد معهم) حتما لما مر سواء أصام ثمانية وعشرين بأن كان رمضان ناقصا عندهم أيضًا فوقع عيده معهم في التاسع والعشرين من صومه أم تسعة وعشرين بأن كان رمضان تاما عندهم (وقضى يومًا) إن صام ثمانية وعشرين إذ الشهر لا يكون كذلك، بخلاف ما لو صام تسعة وعشرين فلا قضاء عليه؛ إذ الشهر يكون كذلك.
(و) على الأصح (من أصبح معيدا فسارت سفينته) مثلًا (إلى بلدة بعيدة أهلها صيام)(فالأصح أنه يمسك بقية اليوم) حتما لما مر، والثاني لا يجب إمساكها لعدم ورود أثر فيه، وتجزئة اليوم الواحد بإمساك بعضه دون بعض بعيد، ورد الرافعي الاستبعاد بيوم الشك إذا ثبت الهلال في أثنائه فإنه يجب إمساك باقيه دون أوله ونازع فيه السبكي، وتتصور المسألة بأن يكون ذلك يوم الثلاثين من صوم البلدين لكن المنتقل إليهم لم يروه، وبأن يكون التاسع والعشرين من صومهم لتأخر ابتدائه بيوم" (١).