قيل: أما تفضيل العمل فيهِ على العمل في كل عشر غيره، فلا شك في ذَلِكَ. ويدل عليه: ما خرجه ابن حبان في صحيحه، من حديث جابر، عن النبي ﷺ قال: (ما من أيام أفضل عند الله من أيام عشر ذي الحجة)). فقال رجل: يا رسول الله، هو أفضل أو عدتهن جهاد في سبيل الله؟ قالَ: (هوَ أفضل من عدتهن جهاد في سبيل الله ﷿. فيدخل في ذلك تفضيل العمل في عشر ذي الحجة على العمل في جميع أعشار الشهور كلها، ومن ذلك عشر رمضان. لكن فرائض عشر ذي الحجة أفضل من فرائض سائر الأعشار، ونوافله أفضل من نوافلها، فأما نوافل العشر فليست أفضل من فرائض غيره، كما سبق تقريره في الحج والجهاد. وحينئذ؛ فصيام عشر رمضان أفضل من صيام عشر ذي الحجة؛ لأن الفرض أفضل من النفل. وأما نوافل عشر ذي الحجة فأفضل من نوافل عشر رمضان، وكذلك فرائض عشر ذي الحجة تضاعف أكثر من مضاعفة فرائض غيره. وقد كان عمر يستحب قضاء رمضان في عشر ذي الحجة؛ لفضل أيامه، وخالفه في ذَلِكَ علي، وعلل قوله باستحباب تفريغ أيامه للتطوع وبذلك علله أحمد وإسحاق، وعن أحمد في ذَلِكَ روايتان. =