للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعليه فصلاة الفرض في عشر ذي الحجة أفضل من جميع صلاة الفرائض سنين طويلة، وهذا بعيد والله أعلم.

والعمل الصالح فيها أفضل من غيره على جهة العموم ولو من غير جنسه فالتحميد والتكبير ونافلة الصلاة في عشر ذي الحجة أو نافلة الصوم أفضل من الجهاد في سبيل الله، والله فضله واسع.

لذلك كان السلف يعتنون بهذه العشر عناية تامة.

قال ابن رجب: ولهذا كان سعيد بن جبير - وهو راوي هذا الحديث، عن ابن عباس - إذا دخل العشر اجتهد اجتهادًا حتى ما يكاد يقدر عليه.

وروي عنه، أنه قال: لا تطفئوا مصابيحكم في العشر - يعجبه العبادة. (١)


(١) فتح الباري لابن رجب (٩/ ١٥) وقال ابن رجب بعد ذلك: فإن قيل: هل المراد: تفضيل العمل في هذه العشر على العمل في كل عشر غيره من أيام الدنيا، فيدخل في ذلك عشر رمضان وغيره، أم على العمل في أكثر من عشر أخر من الأيام، وإن طالت المدة؟
قيل: أما تفضيل العمل فيهِ على العمل في كل عشر غيره، فلا شك في ذَلِكَ.
ويدل عليه: ما خرجه ابن حبان في صحيحه، من حديث جابر، عن النبي قال: (ما من أيام أفضل عند الله من أيام عشر ذي الحجة)). فقال رجل: يا رسول الله، هو أفضل أو عدتهن جهاد في سبيل الله؟ قالَ: (هوَ أفضل من عدتهن جهاد في سبيل الله ﷿.
فيدخل في ذلك تفضيل العمل في عشر ذي الحجة على العمل في جميع أعشار الشهور كلها، ومن ذلك عشر رمضان.
لكن فرائض عشر ذي الحجة أفضل من فرائض سائر الأعشار، ونوافله أفضل من نوافلها، فأما نوافل العشر فليست أفضل من فرائض غيره، كما سبق تقريره في الحج والجهاد.
وحينئذ؛ فصيام عشر رمضان أفضل من صيام عشر ذي الحجة؛ لأن الفرض أفضل من النفل.
وأما نوافل عشر ذي الحجة فأفضل من نوافل عشر رمضان، وكذلك فرائض عشر ذي الحجة تضاعف أكثر من مضاعفة فرائض غيره.
وقد كان عمر يستحب قضاء رمضان في عشر ذي الحجة؛ لفضل أيامه، وخالفه في ذَلِكَ علي، وعلل قوله باستحباب تفريغ أيامه للتطوع وبذلك علله أحمد وإسحاق، وعن أحمد في ذَلِكَ روايتان. =

<<  <   >  >>