للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذهب ابن حزم هنا مذهبا عجيبا وهو تحريم صوم يوم السادس عشر من شعبان فقال:

«ولا يجوز صوم اليوم السادس عشر من شعبان تطوعا أصلا ولا لمن صادف يوما كان يصومه» (١)

وزعم أنه بذلك جمع بين الأحاديث التي فيها استحباب صيام شعبان، وبين النهي عن الصوم إذا انتصف شعبان وهو جمع غاية في الركاكة. (٢).


= شعبان فلا تصوموا" رواه الخمسة، وضعفه أحمد وغيره من الأئمة، وصححه الشيخ وحمله على نفي الفضيلة، وحمل غيره على الجواز.
قال في المستوعب: آكده يوم النصف، قال شيخنا: وليلة النصف لها فضيلة في المنقول عن أحمد، وقد روى أحمد وجماعة من أصحابنا وغيرهم في فضلها أشياء مشهورة في كتب الحديث» ونقل ابن القيم ما يفيد رد التفرد في تهذيب سنن أبي داود - ط عطاءات العلم (٢/ ٢٠):
«والتفرد الذي يعلل به: تفرُّدُ الرجل عن الناس بوَصْلِ ما أرسلوه، أو رفعِ ما وقفوه، أو زيادةِ لفظةٍ لم يذكروها. وأما الثقة العدل إذا روى حديثًا وتفرد به لم يكن تفرُّدُه علةً، فكم قد تفرد الثقات بسننٍ عن النبي عملت بها الأمة؟»
قلت: وقوله متعقب لأن التفرد الذي ذكره لا ينحصر فيه التفرد بل حتى تفرد الثقة بما لم يروه غيره إن كان ممن لا يحتمل تفرده وهذا معلوم في علم الحديث.
(١) المحلى بالآثار (٤/ ٤٤٧).
(٢) المحلى بالآثار (٤/ ٤٤٨):
وقد كره قوم الصوم بعد النصف من شعبان جملة، إلا أن الصحيح المتيقن من مقتضى لفظ هذا الخبر النهي عن الصيام بعد النصف من شعبان، ولا يكون الصيام في أقل من يوم، ولا يجوز أن يحمل على النهي عن صوم باقي الشهر إذ ليس ذلك بينا، ولا يخلو شعبان من أن يكون ثلاثين أو تسعا وعشرين؛ فإن كان ذلك فانتصافه بخمسة عشر يوما؛ وإن كان تسعا وعشرين فانتصافه في نصف اليوم الخامس عشر، ولم ينه عن الصيام بعد النصف، فحصل من ذلك النهي عن صيام اليوم السادس عشر بلا شك. فإن قيل: فقد رويتم من طريق وكيع عن أبي العميس عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة عن رسول الله : «إذا كان النصف من شعبان فأمسكوا عن الصوم حتى =

<<  <   >  >>