للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن الحنابلة من قال بعدم الكراهة قال في الإنصاف: يكره إفراد يوم السبت بالصوم. وهو المذهب، وعليه الأصحاب. واختار الشيخ تقى الدين، أنه لا يكره صيامه مفردا، وأنه قول أكثر العلماء، وأنه الذي فهمه الأثرم من روايته، وأن الحديث شاذ أو منسوخ. وقال: هذه طريقة قدماء أصحاب الإمام أحمد الذين صحبوه؛ كالأثرم، وأبى داود، وأن أكثر أصحابنا فهم من كلام الإمام أحمد الأخذ بالحديث. انتهى. ولم يذكر الآجرى كراهة غير صوم يوم الجمعة، فظاهره، لا يكره غيره (١).

والذي ظهر لي بعد تتبع شديد لطرق الحديث أن النفس لا تطمئن لثبوته،، فهو معل بالاضطراب، فيبقى الأصل على الإباحة.

هذا من حيث الرواية، أما الدراية فهو نهي عام عن صيام السبت في التطوع، فشمل النهي عن ما ثبتت به النصوص من صوم الجمعة ويوما بعده وهو السبت، وعن صوم عاشوراء، وعرفة، وصوم يوم وفطر يوم وصيام البيض، وغيرها من التطوعات ولو وافقت يوم سبت.

وعلى هذا اتفقت كلمة الأمة إلى يومنا هذا فإن منهم من قال بنسخ الحديث، ومنهم بضعفه، ومنهم من قال على الكراهة.

ولم يقل أحد من أهل الإسلام أنه صيام السبت في التطوع محرم.

وانفرد الشيخ الألباني بذلك، وقد نوقش كثيرا وقرأت له مناقشاته وهو يستعمل قاعدة إذا تعارض حاضر على مبيح قدم الحاضر، فجعل حديث النهي حاضرا يقدم على كل النصوص في صوم التطوع.

وما علم الشيخ أن هذه القاعدة نفسها ليست نصا عن المعصوم بل هي خلافية، لأن الحاظر نص شرعي والمبيح كذلك، قال الغزالي: الخبر الحاظر


(١) الإنصاف (٧/ ٥٣٢ ت التركي).

<<  <   >  >>