للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وترجله، وهو معتكف لم تقل باشرت، أو باشرني فدل أن مجرد الملامسة لا يطلق عليها لغة أنها مباشرة؛ لأن المباشرة معنى زائد على ذلك وهي من المفاعلة والملاصقة كما تقدم في اللسان.

وعلى كل وجه فإنه لو احتمل أن مجرد اللمس يسمى مباشرة لغة فحديث عائشة المتقدم في ترجيل شعره يخرج هذا وبقي المعنيان الأولان، وهو الاستمتاع بالزوجة وجماعها.

وتحريم الجماع أولوي كقوله تعالى: ﴿فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ﴾، كان الضرب فيه أولى بالتحريم قطعا وكذلك الجماع هنا.

فلفظ المباشرة يشمله من باب الوضع اللغوي، أو من باب التنبيه الأولوي فهو تنبيه على ما هو أعلى وأولى من ملامسة الزوجة بشهوة.

لذلك أجمع الصحابة ومن بعدهم من الأمة على تحريم الجماع للمعتكف وفساد اعتكافه.

وأما المباشرة بمعناها الآخر الذي ذكرنا في اللغة وهي استمتاع الرجل بزوجته، فهي محرمة لظاهر الآية ويبطل بها الاعتكاف لتوجه النهي إلى هذه الماهية.

وأما مجرد لمس الزوجة فلا يسمى مباشرة في عرف اللغة إلا مجازا، أو توسعا لا حقيقة، ولا يسمى مباشرة كذلك في لفظ الشرع.

لذلك كانت عائشة ترجل رأس رسول الله، وهو معتكف وتغسله قالت: ﴿وإن كان رسول الله ليدخل علي رأسه، وهو في المسجد، فأرجله،، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة إذا كان معتكفا﴾ (١). وفي رواية: ﴿فأغسله وأنا حائض﴾ (٢).


(١) صحيح البخاري (٣/ ٤٨ ط السلطانية).
(٢) صحيح البخاري (٣/ ٤٨ ط السلطانية).

<<  <   >  >>