للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعمل الفقيه هنا هو النظر في دلالة النص القولي، والنص الفعلي، ومعلوم أنه لا تعارض هنا؛ لأن القولي يفيد عموم صلاة مثنى مثنى، بدون تقييد إلا خشية طلوع الفجر.

وهذا يفهمه العربي بداهة أنه لا حصر له. كما أنه لما أمر صاحبه الذي كان يقوم الليل أن يقوم وينام، ولم يحدد له عددًا وعند البخاري عن عبد الله بن عمرو قال: ﴿دخل علي رسول الله فقال: ألم أخبر أنك تقوم الليل وتصوم النهار؟ قلت: بلى، قال: فلا تفعل، قم ونم، وصم وأفطر؛، فإن لجسدك عليك حقا، وإن لعينك عليك حقا، وإن لزورك عليك حقا، وإن لزوجك عليك حقا، وإنك عسى أن يطول بك عمر، وإن من حسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام، فإن بكل حسنة عشر أمثالها، فذلك الدهر كله. قال: فشددت فشدد علي، فقلت: فإني أطيق غير ذلك، قال: فصم من كل جمعة ثلاثة أيام. قال: فشددت فشدد علي، قلت: أطيق غير ذلك، قال: فصم صوم نبي الله داود. قلت: وما صوم نبي الله داود؟ قال: نصف الدهر﴾ (١).

وأما فعله فقد ثبت أنه إحدى عشرة وثلاثة عشرة ومعلوم أنه يفعل الوسط؛ خشية على أمته ولذلك قال: ﴿أفضل الصيام صيام أخي داوود﴾ (٢) مع أنه كان لا يصوم يومًا ويفطر يوما، فدل هذا أن صلاة الليل حسب ما استطعت.


(١) صحيح البخاري (٨/ ٣١ ط السلطانية).
(٢) لفظ البخاري صحيح البخاري (٣/ ٤٠ ط السلطانية) أن عبد الله بن عمرو قال: «أخبر رسول الله أني أقول: والله لأصومن النهار، ولأقومن الليل ما عشت. فقلت له: قد قلته بأبي أنت وأمي، قال: فإنك لا تستطيع ذلك، فصم وأفطر، وقم ونم، وصم من الشهر ثلاثة أيام، فإن الحسنة بعشر أمثالها، وذلك مثل صيام الدهر، قلت: إني أطيق أفضل من ذلك، قال: فصم يوما وأفطر يومين، قلت: إني أطيق أفضل من ذلك، قال: فصم يوما، وأفطر يوما، فذلك صيام داود ، وهو أفضل الصيام، فقلت: إني أطيق أفضل من ذلك، فقال النبي : لا أفضل من ذلك.» مسند أحمد (٥/ ٦٣ ط الرسالة).

<<  <   >  >>