للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والحنابلة قالوا ما زاد عن قوته وقوت من تجب عليه نفقتهم، وهذا قيد قوي؛ لأنه واجب مقدم بالنصوص على غيرها لما جاء في الأحاديث (ابدأ بنفسك) (١) وعلقها المالكية على القدرة ولو بتسلف لراجي القضاء.

٢ - خالف الجميع الحنفية فقالوا لا تجب إلا على من ملك نصابًا من مال (٢).

وقد رأى الحنفية تقديم عموم أبوابي، وهو ﴿لا صدقة إلا عن ظهر غنى﴾ (٣) على تلك الكليات أعنى قوله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾.

ولهم أن يقولوا إن عموم: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ لا يخالف ﴿لا صدقة إلا عن ظهر غنى﴾ بل يعضده. لأن الوسع في الآية هو نفسه ظهر الغنى في الحديث فلا تعارض، وهذا ضعيف لحصول الوسع بأقل من الغنى كما لا يخفى.

كذلك يمكن مناقشة هذا بأن زكاة الفطرة أمر يسير جدًا أربعة أمداد عن كل أحد، واشتراط النصاب لمثله غير مناسب في النظر.

وزعموا أن الغنى هو ملك النصاب، وهذا نفسه محتاج إلى دليل، فإن الغنى أمر عرفي في الأصل.


(١) صحيح مسلم (٢/ ٦٩٢ ت عبد الباقي)
قال الإمام مسلم «حدثنا قتيبة بن سعيد. حدثنا ليث. ح وحدثنا محمد من رمح. أخبرنا الليث عن أبي الزبير، عن جابر. قال: أعتق رجل من بني عزرة عبدا له عن دبر. فبلغ ذلك رسول ، فقال: "ألك مال غيره" فقال: لا. فقال: "من يشتريه مني؟ " فاشتراه نعيم بن عبد الله العدوي بثمانمائة درهم. فجاء بها رسول الله فدفعها إليه. ثم قال: " ابدأ بنفسك فتصدق عليها. فإن فضل شيء فلأهلك. فإن فضل عن أهلك شيء فلذي قرابتك. فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا" يقول: فبين يديك وعن يمينك وعن شمالك»
(٢) تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق ١/ ٣٠٧ ط دار الكتاب الإسلامي
(٣) صحيح البخاري (٢/ ١١٢).

<<  <   >  >>