قال الطحاوي: ففي هذا الحديث ذكر فرض رسول الله ﷺ إياها، وفيه تعديل الناس إياها بمدين من حنطة، وذلك لا يكون إلا مع بقاء فرضها، فكان هذا مخالفا لما قاله قيس في ذلك، غير أنا تأملنا ما قاله قيس فيه فوجدنا له وجها محتملا لما قاله فيه، وهو أنه قد كانت صدقة الفطر في البدء في فرضها على مثل ما في زكاة الأموال عليه في فرضها بعد أن فرضت فيها حتى صارت في فرضها كالصلوات الخمس في الإيمان بها، وفي وجوب الكفر على من جحدها، فكانت صدقة الفطر كذلك، ثم فرضت زكاة الأموال، فرد الفرض الذي كان فيها إلى زكاة الأموال، وجعل مكانه لزكاة الفطر فرض دون ذلك على ما في حديث ابن عمر مما لو جحده جاحد لم يكن بجحده إياه كافرا، كما يكون بجحده زكاة الأموال كافرا. فهذا هو معنى صحيح يخرج به ما قال قيس في فرض زكاة الفطر كان عليه. والله ﷿ نسأله التوفيق (١).
قلت: فتبين أنه لا حجة في معارضة النص بهذا الاحتمال؛ لأن من شرط المعارض أن يتساوى مع ما يعارضه في الدلالة والثبوت، ولا شك أنهما هنا غير متساويين.
أما الجواب على حديث الأعرابي هل علي غيرها.
فمعناه في هل علي فرض غيرها بسبب المال، لا في سبب غيره فمعلوم أن نفقة الزوجة والأبناء واجبة لكن لا بسبب المال، وكذا صلة الرحم ونحوه وبذل المال للمحتاج.
فالمقصود من (لا إلا أن تتطوع) يعني لا يؤخذ من مالك وجوبًا بسبب المال إلا هذه.
أما بسبب الدية، أو الأرش، أو التلف، أو الضمان، أو الزوجية فهذا سبب مختلف.