للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولهذا نجدهم يتصورون ما لا يمكن عادة في زمنهم، لكن دافعهم كان لتوضيح إطلاق قاعدة المذهب. فذكروا مسألة الخيط الشهيرة ف: "لو شد الطعام بخيط وأرسله في حلقه وطرف الخيط في يده لا يفسد الصوم إلا إذا انفصل" (١).

وحاصل كلامهم أنه ما دخل الجوف من رطب، أو يابس واستقر فيه ويجب العلم بوصوله فهو مفسد: حتى لو علم أن الرطب لم يصل لم يفسد ولو علم أن اليابس وصل فسد صومه كذا في العناية، لكن بقي ما إذا لم يعلم يقينا أحدهما وكان رطبا فعند أبي حنيفة يفطر للوصول عادة وقالا لا لعدم العلم به، فلا يفطر بالشك بخلاف ما إذا كان يابسًا، ولم يعلم فلا فطر اتفاقًا (٢).

ولو أدخل شيئًا في جوفه ولم يستقر كمن أدخل أصبعه في دبره، أو أدخلت أصبعها في فرجها فلا يفسد الصوم، إلا إذا كانت الأصبع مبتلة بالماء، أو الدهن فحينئذ يفسد لوصول الماء، أو الدهن وقيل إن المرأة إذا حشت الفرج الداخل فسد صومها والصائم إذا أصابه سهم وخرج من الجانب الآخر لم يفسد صومه ولو بقي النصل في جوفه يفسد صومه اه. " (٣).

وثم تعليل لطيف في المذهب على القوم بعدم الفساد أن النصل ولو استقر في جوفه فلا يفسد وتعليله أنه لا يؤثر في صلاح البدن وهذه ملحظ فقهي هام يخرج عليه مسألة زراعة شيء طبي في الجوف (٤).

أما المالكية فلا يؤثر عندهم وصول أي شيء إلى الجوف من المنافذ السفلية إلا أن تكون فتحة طبيعية واسعة كدبر وفرج المرأة وقاعدتهم العامة


(١) البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (٢/ ٣٠٠)
(٢) المصدر نفسه.
(٣) البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (٢/ ٣٠٠).
(٤) المصدر نفسه.

<<  <   >  >>