للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وانظر إلى العلة عند الحنفية وهي أنه جوهر دخان وصل إلى جوفه بفعله.

وهذه علة تشمل البخور ودخان التبغ ونصوا على الإفطار بالدخان التبغي، وهو كذلك عند المالكية فقد نصوا على المبطلات فمنها: «كف عن وصول بخور تتكيف به النفس كبخور عود أو مصطكى أو جاوي أو نحوها، أو بخار قدر لطعام فمتى وصل للحلق أفسد الصوم ووجب القضاء، ومن ذلك الدخان الذي يشرب أي يمص بنحو قصبة بخلاف دخان الحطب ونحوه وغبار الطريق» (١).

ونص الحنابلة على نفس التعليل والقول: «من ابتلع الدخان قصدا فسد صومه» (٢).

ووافقهم الشافعية في تعميم دخول العين إلا أنهم منعوا القول بالعين المجهرية كالبخور والدخان بلا خلاف، إلا أنه يجب التنبه أنه وقع الخلاف في الدخان التبغي عند الشافعية، أما البخور فلا خلاف في عدم إفساده للصيام (٣).

قال الشرواني معللا المذهب في عدم الإفطار بالبخور: لما تقرر أنها ليست عينا .. انتهى

ثم تكلم كلامًا حاصله راجع إلى تحقيق المناط، وهو: أن دخان البخور لا يسمى عينًا في العرف وعليه فالدخان المعروف، وهو الشيشة والتتن والسيجارة اليوم كذلك لا يفطر لنفس العلة. وهذا هو ما قاله ابن حجر


(١) حاشية الصاوي على الشرح الصغير ط الحلبي (١/ ٢٤٦)
(٢) كشاف القناع (٢/ ٣٢١ ت مصيلحي) شرح منتهى الإرادات للبهوتي (١/ ٤٨٧ ط عالم الكتب). وفي شرح المنتهى وهو يبين مكروهات الصيام، قال: "وكره له (شم ما لا يؤمن) من شمه (أن يجذبه نفس لحلق) شام كسحيق مسك، وسحيق (كافور ودهن ونحوه) كبخور بنحو عود خشية وصوله مع نفسه إلى جوفه وعلم منه: أنه لا يكره شم نحو ورد وقطع عنبر ومسك غير مسحوق. انتهى، فتبين أن البخور عندهم إن وصل الحلق أفطر به الصائم بخلاف الروائح.
(٣) جاء في تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (٣/ ٤٠١).

<<  <   >  >>