للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لذلك حصل الإجماع على الإفطار بكل مأكول أو مشروب له مدخل في التغذية؛ لأن مبناه وفق قصد الشرع في وضع اللغة العربية أداة للإفهام.

واختلف في غيره؛ لأن مبناه على معان يمكن أن تلحق بالأكل والشرب، بوجوه خفية غير ظاهرة، فوجه إلحاق الحصاة والحديد _إن قلنا أن ذلك_ كونه إن دخل إلى الجوف قيل أكل ترابًا وأكل حديدة وسلمنا ذلك.

لكن هل يقال أكل أو شرب بخورًا أو غبارًا؟ أو أكل أو شرب طعنة بسكين في جوفه.

أو أكل أو شرب أصبعه حيث أدخلها في دبره أو إحليله. فالإشكال باق على كل وجه.

وقد اختلفوا في تحرير الاستدلال فمنهم من قال: «والصيام هو الإمساك عن كل شيء» (١)، فأرجع القول إلى معنى الصوم لغة، ولا يساعده ذلك لا لغة ولا عرفًا ولا شرعًا.

فإن الصوم الشرعي ليس الإمساك عن كل شيء؛ لأنه يجوز له كل شيء من كلام، وعمل، وبيع، وشراء، ولا يحرم عليه سوى الأكل والشرب، والجماع، فيكون: ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة (١٨١)] راجع إليها وهو محل النزاع.

ومنهم من استدل بعموم الأكل والشرب.

قال ابن قدامة: «ولعل من يذهب إلى ذلك يحتج بأن الكتاب، والسنة إنما حرما الأكل والشرب، فما عداهما يبقى على أصل الإباحة. ولنا دلالة


(١) الحاوي الكبير (٣/ ٤٥٦).

<<  <   >  >>