للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه التأويلات متكلفة لا تحتملها اللغة ولا الحال.

أما اللغة فظاهر، أما الحال فكيف يقال إنه قال ذلك لتسكين نفسه حتى لا يتكلف ما يفطر عليه.

وهذا لا يليق بحاله عليه الصلاة والسلم أن يبحث عن الإفطار أول النهار لتسكن نفسه. ولا يعمله عوام الناس فضلًا عن غيرهم. فكيف برسول الله . (١)

ويبطل هذا التأويل أنه جيء بطعام بعدما قال إني صائم فأكله، فدل أنه لا يقصد أن يخبؤوه لإفطاره إلى المغرب.


(١) تنبيه هام في استدلال مالك: لم أجد أن مالكا استدل بهذا الحديث ولا الشافعي في الأم بل كلاهما استدلا بفعل ابن عمر وعائشة وحفصة زوجي النبي ولم يظهر الاستدلال به إلا متأخرا عند أصحابه وحين نقل الشافعي ذلك في الأم قال واحتج ..
وهذا يدل أن مالكا جعل قول من ذكر من الصحابة حجة.
وكذا الشافعي كما يفيده كلامه.
ولعل هذا إما احتجاجا بأقوال الصحابة مطلقا أو مما لم يكن للرأي فيه مدخل وقد جاء في المدونة (١/ ٢٧٦).
"قلت: أرأيت المغمى عليه أياما هل يجزئه صوم اليوم الذي أفاق فيه إن نوى أن يصومه حين أفاق في قول مالك؟ فقال: لا يجزئه وعليه قضاؤه؛ لأن من لم يبيت الصيام فلا صيام له انتهى.
وأرى أن هذا النوع للرأي فيه مدخل فقد يكون ابن عمر وغيره أخذها من كليات الشريعة في الأمر بالنية. وراجع: الأم للشافعي (٢/ ١٠٤). ولهذا نسبت القول والاستدلال بالحديث للمالكية ولعل عدم استدلال مالك والشافعي به لعدم ثبوته عندهم وهذا يقوي إعلاله عن البخاري والنسائي وغيرهما ثم اطلعت على قول ابن العربي في "المسالك في شرح موطأ مالك (٤/ ١٦٧). هذا حديثٌ عَزِيزٌ لم يقع لأحدٍ من أهل المغرب قبل= = رِحْلَتِي، وهو من فوائدي الّتي انفردتُ بها عن أهل المغربِ الّذين ظَنُّوا أنّه لا يوجد صَحيحًا، وقد أَسْنَدْتُه في "العارضة"انتهى. قلت: وهذا يدل أنه لم يصل فقهاء المالكية صحيحا إلا في وقت متأخر.

<<  <   >  >>