للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: ١٨٥]، وبإجماع من بعدهما على وجوب القضاء على الحامل، والمرضع (١).

وأشهر أقواله: أنهما إن خافتا على أنفسهما فقط، أو مع ولديهما أنهما تقضيان، ولا فدية، والعلة أنه مرض في هذه الحالة.

وأما إن خافتا على ولديهما فقط فتقضيان؛ لأنه فطر بعذر مع استطاعة القضاء أشبه المريض.

أما الفدية فله أقوال: تجب عليهما، تجب على المرضع، مستحبة، ووجه الاستحباب أنه فطر بعذر كالمريض فلا وجوب. (٢)

أما أبو حنيفة فقال عليهم القضاء فقط؛ لأن الآية منسوخة.

أما مالك فله روايات ففي حالة إن خافتا على ولدهما، أشهرها أن


(١) الخلافيات بين الإمامين الشافعي وأبي حنيفة وأصحابه ت النحال (٥/ ٥٦). وانظر: إلى الماوردي وهو يبين وجه الدلالة وستعمل هذا المصطلح الرفيع الحاوي الكبير (٣/ ٤٦٦).
"قوله تعالى: ﴿وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مساكين﴾ ﴿البقرة: ١٨٤) ووجه الدلالة فيهما أن الله تعالى كان قد خير الناس في بدء الإسلام بين أن يصوموا، وبين أن يفطروا، ثم يفتدوا ثم حتم الله الصيام على من أطاقه، بقوله تعالى: ﴿فمن شهد منكم الشهر فليصمه﴾ (البقرة: ١٨٥) وبقي من لم يطق على حكم الأصل في جواز الفطر ووجوب الفدية، وقد كان ابن عباس يقرأ وعلى الذين يطيقونه يعني يكلفونه، فلا يقدرون على صيامه وقراءة الصحابي تجري مجرى خبر الواحد في وجوب العمل به لأنه لا يقول ذلك إلا سماعا، وتوقيفا، وإنما عدل الشافعي عن الاستدلال بهذه القراءة، لأنها تشذ عن الجماعة، وتخالف رسم المصحف ويدل على ما ذكرناه إجماع الصحابة، وهو ما روي عن علي بن أبي طالب وعمر بن الخطاب وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس ، أنهم قالوا: الهم عليه الفدية إذا أفطر، وليس لهم في الصحابة مخالف.
(٢) المجموع شرح المهذب (٦/ ٢٦٧).

<<  <   >  >>