فكل لفظة وتركيب وسياق وضعه الله في كتابه بحكمة بالغة؛ للإفهام بما تقتضيه لغة العرب ولسانها.
لذلك فالمفطرات من جماع وأكل وشرب، قصد الشرع إفهامها بما يدل عليه اللسان.
وقصد إفهامنا بما نستطيع من تصور لمنافذ المفطرات من البدن.
وعلى هذا تنبني أمور:
١ - أن الألفاظ التي في آيات الصوم وأحاديثه تعتبر مناطات وعلل للأحكام وفق قانون اللغة، فالصوم، والإطاقة، وشهود الشهر، والمرض، والسفر، وتوجه الخطاب إلى المؤمنين، والرفث ليلة الصيام، والأكل، والشرب، وتبين الفجر، وقوة الخطاب عمومًا وخصوصًا، ونصًا، وظهورًا، وإطلاقًا، وتقييدًا، ومفهومًا. كل هذه الألفاظ يجب أن تؤخذ من دلالة لسان العرب.
٢ - لما كان الصحابة هم أهل السان وجب النظر إلى تعاملهم مع هذه المفاهيم، وتطبيقهم لها بين يدي النبي ﷺ وبعده.
٣ - ملاحظة منهجية الفقهاء بعد الصحابة، سواء التابعون أو المذاهب الخمسة في التعامل مع النص وتنزيله، وهل هذه المنهجية من دلالة اللغة، أم القياس، أم الإجماع، أم من الدلالة العرفية؟.
٤ - وضع التصور لمحل المفطرات من الجوف، والدماغ، والمنافذ العلوية، والسفلية التي تكلم عنها فقهاء المذاهب الخمسة في سياق زمن كان هذا هو تكليفهم المطلوب؛ لأن هذا هو ما في وسعهم من التصور في دخول الغذاء إلى البدن. ووجود تصور جديد في عصرنا متزامن مع التطور العلمي هو تكليفنا في هذا العصر، وليس عليهم تبعات الاجتهاد المعاصر المبني على ذلك فهم مصيبون، وما قام به النظر الفقهي المعاصر المبني على اختلاف التصور جذريا صواب.