للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبالنسخ قال ابن عمر كما أخرجه البخاري، قال حدثنا عياش: حدثنا عبد الأعلى: حدثنا عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر : ﴿قرأ: ﴿فدية طعام مساكين﴾ قال: هي منسوخة (١)

ومثله أو أصرح منه: ﴿عن سلمة بن الأكوع ، قال: "لما نزلت هذه الآية: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤] كان من أراد أن يفطر ويفتدي، حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها"(٢).

وفي رواية لمسلم: ﴿كنا في رمضان على عهد رسول الله ، من شاء صام ومن شاء أفطر فافتدى بطعام مسكين﴾، حتى أنزلت هذه الآية: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة: ١٨٥].

فهذه الرواية صريحة وأنها كانت أول الأمر، ثم نسخت، ومن علم حجة على من لا يعلم.

قال الحافظ: "قوله في حديث بن الأكوع لما نزلت ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ﴾ [البقرة: ١٨٤] فدية إلخ، هذا أيضًا صريح في دعوى النسخ، وأصرح منه ما تقدم من حديث بن أبي ليلى" (٣).

فالنقل الصريح عن الصحابة أنها كانت في أول الأمر رخصة للقادر على الصيام أن يفطر ويطعم، أما العاجز فلم يذكر أصلًا؛ لأنه لا تكليف عليه. فكيف يقال إن العاجز كان يفدي، وهو أصلًا غير داخل في خطاب التكليف؟ إنما كان التخيير للقادر على الصيام.

يدل لهذا تصريح ابن عباس بسند صحيح في السنن والمنتقى: «عن ابن عباس، قال: رخص للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة في ذلك وهما


(١) صحيح البخاري (٣/ ٣٤ ط السلطانية).
(٢) صحيح مسلم (٢/ ٨٠٢).
(٣) فتح الباري لابن حجر (٨/ ١٨١). التوضيح لشرح الجامع الصحيح (١٣/ ٣٤٩)

<<  <   >  >>