للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والشيبابى قصرهما قال أصحابنا عاشورا هو اليوم العاشر من المحرم وتاسوعاء هو التاسع منه هذا مذهبنا وبه قال جمهور العلماء وقال ابن عباس عاشوراء هو اليوم التاسع من المحرم ثبت ذلك عنه في صحيح مسلم وتأوله على أنه مأخوذ من إظماء الإبل فإن العرب تسمي اليوم الخامس من أيام الورد ربعا بكسر الراء وكذا تسمي باقي الأيام على هذه النسبة فيكون التاسع على هذا عشرا بكسر العين، والصحيح ما قاله الجمهور وهو أن عاشوراء هو اليوم العاشر وهو ظاهر الأحاديث ومقتضى إطلاق اللفظ وهو المعروف عند أهل اللغة (وأما) تقدير أخذه من إظماء الإبل فبعيد، وفي صحيح مسلم عن ابن عباس ما يرده قوله لأنه قال أن النبي " كان يصوم عاشوراء فذكروا أن اليهود والنصارى تصومه فقال إنه في العام المقبل يصوم التاسع " وهذا تصريح بأن الذي كان يصومه ليس هو التاسع فتعين كونه العاشر واتفق أصحابنا وغيرهم علي استحباب صوم عاشورا وتاسوعا» (١)

قلت: وقد حاول ابن القيم أن يصوب رأي ابن عباس بوجه وهو أنه قصد أن يدله على السنة التي لا يعلمها وهي صوم التاسع، وترك ما يعلمها السائل وهو العاشر لشهرته ومجيء الأحاديث به. (٢)


(١) المجموع شرح المهذب (٦/ ٣٨٣ ط المنيرية) المحلى بالآثار (٤/ ٤٣٧).
(٢) زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم (٢/ ٩٤) قال:
وأما الإشكال السادس، وهو قول ابن عباس: اعدد تسعا وأصبح يوم التاسع صائما، فمن تأمل مجموع روايات ابن عباس تبين له زوال الإشكال، وسعة علم ابن عباس، فإنه لم يجعل عاشوراء هو اليوم التاسع، بل قال للسائل: صم اليوم التاسع، واكتفى بمعرفة السائل أن يوم عاشوراء هو اليوم العاشر الذي يعده الناس كلهم يوم عاشوراء، فأرشد السائل إلى صيام التاسع معه، وأخبر أن رسول الله كان يصومه كذلك. فإما أن يكون فعل ذلك وهو الأولى، وإما أن يكون حمل فعله على الأمر به وعزمه عليه في المستقبل، ويدل على ذلك أنه هو الذي روى: «صوموا يوما قبله ويوما بعده»، وهو الذي روى: «أمرنا رسول الله بصيام يوم عاشوراء يوم العاشر». وكل هذه الآثار عنه يصدق بعضها بعضا ويؤيد بعضها بعضا.
فمراتب صومه ثلاثة: أكملها أن يصام قبله يوم وبعده يوم، ويلي ذلك أن يصام التاسع والعاشر وعليه أكثر الأحاديث، ويلي ذلك إفراد العاشر وحده بالصوم. وأما إفراد التاسع فمن نقص فهم الآثار، وعدم تتبع ألفاظها وطرقها، وهو بعيد من اللغة والشرع، والله الموفق للصواب

<<  <   >  >>