"قلت: الصواب الجزم بجواز صوم الولي عن الميت سواء صوم رمضان والنذر وغيره من الصوم الواجب للأحاديث الصحيحة السابقة، ولا معارض لها ويتعين أن يكون هذا مذهب الشافعي؛ لأنه قال إذا صح الحديث فهو مذهبي واتركوا قولي المخالف له، وقد صحت في المسألة أحاديث كما سبق والشافعي إنما وقف على حديث ابن عباس من بعض طرقه كما سبق ولو وقف على جميع طرقه وعلى حديث بريدة وحديث عائشة عن النبي ﷺ لم يخالف ذلك كما قال البيهقي فيما قدمناه عنه في آخر كلامه فكل هذه الأحاديث صحيحة صريحة فيتعين العمل بها لعدم المعارض لها (وأما) حديث ابن عمر في الإطعام عنه فقد سبق قول الترمذي فيه أنه لا يصح مرفوعا إلى النبي ﷺ وأن الصحيح أنه موقوف على ابن عمر وكذا قال البيهقي وغيره من الحفاظ لا يصح مرفوعا وإنما هو من كلام ابن عمر وإنما رفعه محمد بن عبد الرحمن ابن أبي ليلى عن نافع عن ابن عمر عن النبي ﷺ في الذي يموت وعليه رمضان لم يقضه قال " يطعم عنه لكل يوم نصف صاع بر ".
قال البيهقى هذا خطأ من وجهين (أحدهما) رفعه وإنما هو موقوف.
(الثاني) قوله نصف صاع فإنما قال ابن عمر مدا من حنطة قلت: وقد اتفقوا على تضعيف محمد ابن ابي ليلي وانه لا يحتج بروايته وإن كان إماما في الفقه.
(وأما) ما حكاه البيهقي عن بعض أصحابنا من تضعيف حديث ابن عباس وعائشة بمخالفتهما لروايتهما فغلط من زاعمه؛ لأن عمل العالم وفتياه بخلاف حديث رواه لا يوجب ضعف الحديث، ولا يمنع الاستدلال به وهذه قاعدة معروفة في كتب المحدثين والأصوليين لاسيما وحديثاهما في إثبات الصوم عن الميت في الصحيح والرواية عن عائشة في فتياها من عند نفسها بمنع الصوم ضعيف لم يحتج بها لو لم يعارضها شيء كيف وهي مخالفة