للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فانحصر النهي فيما يعود على الاعتكاف بالإبطال، وهو المباشرة والخروج بلا عذر ومعصية الله، أما كل مباح فجائز.

لكن بالنظر إلى مقاصد الاعتكاف كره بعض الفقهاء الاشتغال بما يخل بذلك المقصد، ولذلك قال مالك: ولا يشتغل في مجالس العلم، قيل له: أفيكتب العلم في المسجد؟، فكره ذلك، قال ابن نافع: في الكتاب إلا أن يكون الشيء الخفيف،، وقال ابن وهب: وسئل مالك: أيجلس مجالس العلماء ويكتب العلم؟، فقال: لا يفعل إلا الشيء الخفيف، والترك أحب إلي.

قال ابن القاسم: ولا بأس أن يشتري ويبيع الشيء الخفيف من عيشه الذي لا يشغله.

ولا يأخذ من شعره وأظفاره، ولا يدخل إليه في ذلك حجام وإن جمعه وألقاه، وإنما كره ذلك لحرمة المسجد، ويعتكف في عَجُز المسجد، ولا بأس أن يعتكف في رحابه. وكره مالك للمؤذن المعتكف أن يرقى على ظهر المسجد، واختلف قوله في صعوده المنار، فمرة قال: لا، ومرة قال: نعم، وجل قوله فيه الكراهية، وذلك رأيي.

ولا يشتغل بشيء من التجارات، ولا بأس أن يأمر من يكفيه أمر ضيعته وضيعة أهله ومصلحته وبيع ماله أمرًا خفيفًا لا يشغله (١).

قال ابن رشد: فأما العمل الذي يخصه ففيه قولان: قيل: إنه الصلاة وذكر الله وقراءة القرآن لا غير ذلك من أعمال البر والقرب، وهو مذهب ابن القاسم. وقيل: جميع أعمال القرب والبر المختصة بالآخرة، وهو مذهب ابن وهب، فعلى هذا المذهب يشهد الجنائز ويعود المرضى ويدرس العلم، وعلى المذهب الأول لا (٢).


(١) التهذيب في اختصار المدونة (١/ ٣٨١).
(٢) بداية المجتهد ونهاية المقتصد (٢/ ٧٦).

<<  <   >  >>