للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكن يعارضه أن الصحابة كانوا يخرجونها قبل العيد بيوم، أو يومين كما في حديث ابن عمر المتقدم، وفي حديث أبي هريرة أن رسول الله وكله لحفظ زكاة رمضان.

وهذا الفعل في زمن التشريع فدل على جواز التقديم بيوم أويومين، ودل على أن التحديد بقبل العيد إنما هو آخر ما يتحقق به مقصود الشرع من نفع الفقراء.

ولهذا جاء الحديث أنها بعده صدقة من الصدقات مما يدل أن آخرها الشرعي في الأداء قبل العيد

ودلت مقاصد النصوص منها على جواز تقديمها؛ لأن مقصودها ﴿طعمة للمساكين﴾ رواه أبو داود وابن ماجه.

كما في حديث ابن عباس فما حقق ذلك فهو جائز شرعًا.

فهذه دلالة النص ومقصوده.

أما استعمال القياس هنا على تقديمها قبل عام كما ذهب إليه الحنفية فضعيف؛ لما فيه من بعد عن المقصود، وليس في معنى النص، ولا قريب منه والقياس إن جاء هكذا فهو ضعيف (١).


(١) الهداية في شرح بداية المبتدي (١/ ١١٥):
«" فإن قدموها على يوم الفطر جاز " لأنه أدى بعد تقرر السبب فأشبه التعجيل في الزكاة ولا تفصيل بين مدة ومدة هو الصحيح وقيل يجوز تعجيلها في النصف الأخير من رمضان وقيل في العشر الأخير "» وقد تعقب ابن الهمام هذا القياس وضعفه بقوله: في فتح القدير للكمال ابن الهمام وتكملته ط الحلبي (٢/ ٢٩٩) (فأشبه تعجيل الزكاة) ينبغي أن لا يصح هذا القياس، فإن حكم الأصل على خلاف القياس، فلا يقاس عليه، وهذا لأن التقديم وإن كان بعد السبب هو قبل الوجوب وسقوط ما سيجب إذا وجب بما يعمل قبل الوجوب خلاف القياس فلا يتم في مثله إلا السمع، وفيه حديث البخاري عن ابن عمر «فرض رسول الله صدقة الفطر إلى أن قال في آخره وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين» وهذا مما لا يخفى على النبي بل لا بد من كونه بإذن سابق فإن الإسقاط قبل الوجوب مما لا يعقل فلم يكونوا يقدمون عليه إلا بسمع، والله سبحانه أعلم

<<  <   >  >>