الجوف منفذان فقط هما الدبر وفرج المرأة ولكن يشترط أن يكون الداخل منها مائعًا أي سائلًا، فالجامدات لا أثر لها.
والذي يظهر في تحليل مذهبهم في التفريق أن الجامد إن دخل من الحلق سمي أكلًا فشمله معنى النص، أو القياس عليه؛ لأنه داخل من منفذ الأكل والشرب.
بخلاف المنافذ السفلية فلا هي بمنفذ للأكل والشرب، ولا يسمى ما دخل منها أكلا، أو شربا.
إلا أن ما دخل من السوائل ووصل الأمعاء، فإن المعنى أنه شراب وصل محل الإفطار.
فهو في معنى الغذاء ولكن لما كان هذا المعنى غير ظاهر اختلف قول المالكية في الحقنة الشرجية. قال الدسوقي:"فإن أوصل للمعدة حقنة من مائع وجب القضاء على المشهور، ومُقابِله ما لابن حبيب- أي القول الذي لابن حبيب- من استحباب القضاء بسبب الحقنة من المائع الواصلة للمعدة من الدبر، أو فرج المرأة"(١).
ولم يختلف قولهم في الجامد أنه لا يفسده إن دخل من الفتحتين السفليتين لخروجه عن الإطلاق الشرعي والقياس عليه لفظا ومعنى.
وعلى هذا، فإن منظار الشرج لا يفسد عندهم وكذلك أجاز مالك إدخال الفتائل ويقاس عليها التحاميل التي توضع للمريض من الحمى، أو الباسور فإنها غير مفطرة؛ لأنها لا تدخل إلى محل امتصاص الغذاء.، فهي أشبه بالامتصاص الجلدي الخارجي.
وقد تقدم تحقيق هذا في مناظير الجهاز الهضمي.
وأما الظاهرية فلأنهم عملوا بظاهر النص، وهو ما سمي أكل، أو شربا
(١) الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (١/ ٥٢٤)