قال أبو محمد: قال الله تعالى: ﴿وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم﴾ [الأحزاب: ٥] وقال رسول الله ﷺ: «رفع عن أمتي: الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه». وروينا قولنا في هذه المسألة عن عطاء بن أبي رباح.
واحتج من أفطر بذلك بالأثر الثابت عن رسول الله ﷺ:«وإذا استنشقت فبالغ، إلا أن تكون صائما».
قال أبو محمد: ولا حجة لهم فيه؛ لأنه ليس فيه أنه يفطر الصائم بالمبالغة في الاستنشاق؛ وإنما فيه إيجاب المبالغة في الاستنشاق لغير الصائم، وسقوط وجوب ذلك عن الصائم فقط؛ لا نهيه عن المبالغة؛ فالصائم مخير بين أن يبالغ في الاستنشاق وبين أن لا يبالغ فيه، وأما غير الصائم فالمبالغة في الاستنشاق فرض عليه، وإلا كان مخالفا لأمره ﵇: بالمبالغة؛ ولو أن امرأ يقول: إن المبالغة في الاستنشاق تفطر الصائم لكان أدخل في التمويه منهم؛ لأنه ليس في هذا الخبر من وصول الماء إلى الحلق أثر ولا عثير ولا إشارة ولا دليل؛ ولكنهم لا يزالون يتكهنون في السنن ما يوافق آراءهم بالدعاوى الكاذبة وبالله تعالى انتهى (١).
قلت: وفي كلام ابن حزم نظر لأن من بالغ حال الصيام فقد أتى بفعل غير مشروع فما ترتب عليه غير مشروع.
وحكمه مأخوذ من عموم المنع عن إدخال شيء عبر الحلق، ولو أذن الشرع له في المبالغة لكان الخطأ في ذلك على العفو، أما وقد نص الشرع على المنع فهو مستثنى من رفع الخطأ.
والحاصل أن القطرة إذا نزلت من الحلق وتبين نزولها فعليه القضاء، ومن كان مريضًا ويحتاج القطرة لمرضه نهارًا في رمضان فعليه أن يتحرز