للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - ، أما التأويل: فزعم ابن القصار أن قوله فليتم صومه أي باعتبار ما كان وأن عليه القضاء، وأن الرجل كان متطوعا؛ لأن المتطوع يفطر، ولا قضاء عليه، ولا كفارة (١)


= فقال وإنما قال هؤلاء: بالقضاء في الذي يفطر وهو يرى أنه ليل ثم تطلع الشمس وأما في الفجر فلا، مثل قول أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وما نعلم لهم حجة أصلا. فإن ذكروا ما رويناه من طريق ابن أبي شيبة عن أبي أسامة عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر قالت: "أفطر الناس على عهد رسول الله ثم طلعت الشمس".
قال أبو أسامة: قلت لهشام: فأمروا بالقضاء؟ فقال: ومن ذلك بد؟ فإن هذا ليس إلا من كلام هشام، وليس من الحديث، فلا حجة فيه.
وقد قال معمر: سمعت هشام بن عروة في هذا الخبر نفسه يقول: لا أدري أقضوا أم لا؟ وقال في موضع أخر عن الأكل ما لم يتيقن الفجر أو شك أن صومه صحيح فهؤلاء: أبو بكر، وعمر، وعلي، وابن عمر، وابن عباس، وأبو هريرة، وابن مسعود، وحذيفة، وعمه خبيب، وزيد بن ثابت، وسعد بن أبي وقاص، فهم أحد عشر من الصحابة، لا يعرف لهم مخالف من الصحابة . إلا رواية ضعيفة من طريق مكحول عن أبي سعيد الخدري ولم يدركه؛ ومن طريق يحيى الجزار عن ابن مسعود ولم يدركه. ومن التابعين: محمد بن علي، وأبو مجلز، وإبراهيم، ومسلم، وأصحاب ابن مسعود، وعطاء، والحسن، والحكم بن عتيبة، ومجاهد، وعروة بن الزبير، وجابر بن زيد. ومن الفقهاء: معمر، والأعمش. فإن ذكروا رواية سعيد بن قطن عن أبيه عن معاوية فيمن أفطر وهو يرى أنه ليل فطلعت الشمس: أن عليه القضاء، وبالرواية عن عمر بمثل ذلك -: فإنما هذا في الإفطار عند الليل، لا في الأكل شاكا في الفجر، وبين الأمرين فرق، ولا يحل الأكل إلا بعد يقين غروب الشمس، لأن الله تعالى قال: ﴿إلى الليل﴾ [البقرة: ١٨٧] فمن أكل شاكا في مجيء الليل فقد عصى الله تعالى، وصيامه باطل، فإن جامع فعليه الكفارة، لأنه في فرض الصيام، ما لم يوقن الليل، بخلاف قوله: ﴿حتى يتبين لكم الخيط الأبيض﴾ [البقرة: ١٨٧] لأن هذا في فرض الإفطار حتى يوقن بالنهار - وبالله تعالى التوفيق"
(١) راجع شرح صحيح البخاري لابن بطال (٤/ ٦١).

<<  <   >  >>